أوصانا الله سبحانه وتعالى بوالدينا، وجعل طاعتهم وبرّهم واجب وفرض على كلّ مسلم. وقد أنزل الله سبحانه وتعالى غضبه ولعنته عمّن يعقّ والديه ولا يبرّهم. وفي مقالنا هذا سنتحدّث أكثر عن برّ الوالدين وفضله، وتعرف ما هو حكم الإسلام فيمن يعقّ والديه.
في عصرنا الحالي للأسف أصبحت ظاهرة عقوق الوالدين من أكثر الظواهر السلبية المنتشرة في مجتمعنا، على الرغم من تحذير الإسلام من عواقبها. وقد كان لبرّ الوالدين في الإسلام مكانة عظيمة، وقد قرن الله سبحانه وتعالى برّ الوالدين بطاعته وحبّه سبحانه؛ قال تعالى: "وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا". (سورة الإسراء:23)
وقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بصحبتهما وحسن معاشرتهما والإحسان إليهما، حتّى لو كانا كافرين، وقد كان برّهما من الجهاد، فعن عبدالله بن عمرو قال: "جاء رجل إلى رسول الله فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحيّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد". وقد كانت أيضاً طاعتهما والإحسان إليهما من موجبات دخول الجنة، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "سمعت رسول الله يقول: رغم أنفه، رغم أنف، رغم أنفه ، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك والديه عند الكبر، أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة.
ولا يخفى علينا كذلك الفضل العظيم الذي يعود على الإبن البارّ بوالديه، فمن يبرّ والديه تغفر ذنوبه، وبرّهما هو سبب في تفريج الكرب والهموم، وأيضاً برّهما يعود على صاحبه بطول العمر، والرزق الواسع، والخاتمة الحسنة؛ فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وسلّم" : "من أحبّ أن يبسط الله في رزقه وينسأ له في أثره فليصل رحمه".
أمّا من يعقّ والديه ولا يبرّهما فذاك سوف يرى من الويلات الكثير، عدا عن عقابه العسير ولعنة الله وغضبه. فعقوق الوالدين من الكبائر، بل من أكبر الكبائر والموبقات، فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله "ًصلّى الله عليه وسلّم" : "ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثاً، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور ، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت. كما أنّ العاق يكون ممّن لا ينظر الله إليه يوم القيامة، ويحرم من الجنة وريحها، كما ولا تكون عقوبته فقط في الآخرة، فإنّ ينال عقابه في الدنيا قبل ذلك؛ فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله "صلّى الله عليه وسلّم" : "بابان معجّلان عقوبتهما في الدنيا: البغي والعقوق".