بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أمّا بعد،
إنّ دراسة الحكم الشرعي وأقسامه وأنواعه هي من أهم مباحث علم أصول الفقه، وعلم أصول الفقه: هو مجموعة من المناهج والقواعد التي يستخدمها الفقيه في استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية. ويقسم بعض الأصوليين الحكم الشرعي إلى: أحكام اعتقادية تُبْحث في علم العقائد، وأحكام فرعية، [راجع: الواضح في أصول الفقه للأشقر، ص23]، والأحكام الشرعية الفرعية هي التي سنتكلم عنها في هذا المقال، وهي التي تتعلق بالأحكام الفقهية العملية، كالأمر بالصلاة، والزكاة، والنّهي عن شرب الخمر والزنا، وغير ذلك.
وقد عَرَّف الإمام أحمد - رحمه الله - الحكم الشرعي بأنّه: « خطاب الشرع وقوله » [راجع: أصول الفقه لابن مفلح، 1/180]، أو كما عَرَّفَه أحد الأصوليين بقوله: « هو خطاب الله الذي يتعلق بأفعال العباد بالطلب أو التخيير أو الوضع. » [راجع: الواضح في أصول الفقه للأشقر، ص23].
ومن أقسام الحكم الشرعي: الحكم التكليفي: وهو الذي يكون إمّا بالطلب أو التخيير. والحكم التكليفي هو الذي سنخصه بالكلام في هذا المقال.
تُقَسَّم الأحكام الشرعية التكليفية إلى خمسة أنواع على النحو التالي:
فالإيجاب أو الفرض: هو ما يثاب فاعله، ويذم ويعاقب تاركه، أو بعبارة أخرى: « طلب الفعل على وجه الحتم والإلزام. » [راجع: الواضح في أصول الفقه، ص26]. والواجبات المطلوبة من المكلفين إما أن تكون حقوقًا لله تعالى كأداء العبادات المختلفة، أو أن تكون حقوقًا للناس كأداء الديون، والابتعاد عن أكل أموال الناس بالباطل.
أما الحرام: فهو ما يذم ويعاقب فاعله، ويثاب تاركه، أو بعبارة أخرى: « طلب الكف عن الفعل على وجه الحتم والإلزام. » [راجع: الواضح في أصول الفقه، ص29]، كالنهي عن الزنا وشرب الخمر والسرقة.
وأما المندوب: فهو ما يثاب فاعله، ولا يعاقب تاركه. فيستحب للمسلم أن يؤدي المندوبات ويكثر منها، وخاصة المندوبات التي تُعْرف بالسنن المؤكدة، والتي داوم عليها الرسول صلى الله عليه وسلم. ويُعْرف المندوب بأسماء أخرى مثل: السنة أو المستحب أو النافلة.
وأما المكروه: فهو ما يثاب تاركه، ولا يعاقب فاعله، أو بعبارة أخرى: هو ما نهى عنه الشرع نهيًا غير جازم. ويميّز المكروه عن الحرام عن طريق القرائن التي تدل على عدم وجود عقوبة على فعله مع وجود الثواب على تركه.
أما النوع الأخير فهو المباح: وهو ما خُيَّر به المُكَلَّف إما بفعله أو تركه، مع عدم وجود الثواب أو العقاب على اختياره.
وبهذا القدر كفاية، والحمد لله رب العالمين.