التماسيح
تُعتبر التماسيح (بالإنجليزية: Crocodiles) واحدةً من أكبر الحيوانات الفقاريَّة الموجودة على كوكب الأرض. تنتمي هذه الكائنات المُخيفة إلى مجموعة الزواحف، وهي نفس المجموعة التي تضمُّ الأفاعي والسلاحف والسحالي بمُختلف أنواعها. للتماسيح عدَّة أقرباء يُمكن أن تبدو - للعَين غير الخبيرة - شبيهة بها إلى حد بعيد، مثل القاطور (التمساح الأمريكي) والغريال (التمساح الهندي) والكايْمَن (تمساح أمريكي صغير جدًا)، إلا أنَّ كلاً من هذه الحيوانات، رغم قرابته بالتماسيح، له فصيلة خاصَّة قائمة بذاتها.[?]
بيئة حياة التماسيح
التماسيح حيوانات مائيَّة، فهي غالباً ما تعيش حول مُسطَّحات الماء العذب مثل البحيرات أو الأنهار أو المستنقعات، لكنها يُمكن أن تتواجد أيضاً في المياه المالحة، وذلك بفضل غددٍ ملحيَّة خاصّة في جسدها تستطيع تصفية الملح من أجسامها إذا ما ارتفعت نسبته أكثر من اللازم.[?] تقطنُ جميع أنواع التماسيح مناطق استوائيَّة المُناخ، وذلك بسبب حساسيَّتها العالية للبرودة، وهي تتواجدُ في شمال أستراليا، وجنوب شرقي آسيا، وجميع أنحاء الهند، وفي الأمريكيَّتين، فضلاً عن مُعظم أنحاء قارَّة أفريقيا الواقعة جنوب الصحراء الكُبرى. تعتبر التماسيح حيواناتٍ لاحمة، فهي تتغذَّى على طرائد كبيرة جداً؛ إذ يُمكن أن تصطاد الأسماك، والطيور، والقشريات، وحتى الثدييات الكبيرة مثل الجواميس والحُمُر الوحشيَّة والبشر.
التكيُّفات الطبيعية للتمساح
تساعد التماسيح الأغشية في أرجلها على المشي فوق الأرض، وتتناسب عيونها وأنوفها مع ظُروف الحياة في الماء حتى تتنفَّس وترى بوضوح، إذ إنَّ لعينيها غشاءً حامياً بين العين والجفن، يُساعدها على الرؤية بسُهولة في الماء وعلى توفير حمايةٍ إضافيَّة للعَين عندما يكون الجفن مرفوعاً. كذلك فإنَّ ثمَّة خاصيَّة في عيون التماسيح هي أنها تحتوي في خلفيَّتها طبقة بلورية تنعكس عليها أشعَّة الضوء التي تدخل العين، ممَّا يُعطيها قدرةً أعلى على الرؤية في الضوء الخافت أثناء الليل، وفي الواقع، تعتمد مُعظم أنواع التماسيح على الصَّيد في الليل عوضاً عن النهار، الذي تقضيه بالرَّاحة.[?] كما تطفو التماسيح كثيراً فوق الماء للتنفس وكذلك الترقُّب والالبحث عن الفريسة، وتعتبر حركتها أكثر انسيابيَّة ومرونةً في الماء بكثيرٍ منها على اليابسة.
إن التماسيح تبيض مثل معظم الزواحف، وتُشبه هيئة بيضها بيضَ الدجاج، لكنَّه أكبر حجماً وأقلُّ بريقاً وبياضاً. تضع التماسيح البيض في أعشاش من الفضلات والنبات أو في الرمل على الشواطئ، وتقوم الأنثى بمُراقبته وحمايته - لكن دون أن تحضنه أو تجلس فوقه - حتى يفقس بعد مُدَّة 65 إلى 95 يوماً، وعندما تفقس البيوض تحمل الأمُّ صغارها في داخل فمها إلى الماء، وتتولَّى بنفسها إطعامهم وتدريبهم على الصَّيد، وقد تستمرُّ برعايتهم لمُدَّة أكثر من عام.[?]
أكبر أنواع التماسيح
ثمَّة 14 نوعاً معروفاً من التماسيح في العالم الآن تعيش في خمس قارَّاتٍ مُختلفة، إلا أنَّ أكبر هذه الأنواع حجماً هو ما يُعرَف بتمساح المياه المالحة، الذي يُعتَبر أيضاً أكبر مخلوقٍ على قيد الحياة من مجموعة الزواحف، كما ويُعتبر أكبر حيوانٍ مُفترسٍ يعيش على ظهر اليابسة في العالم. عادةً ما يتجاوز طول ذكر تمساح المياه المالحة مُكتمل النموّ أربعة أمتار، وأما وزنه فقد يصل إلى طُنِّ كامل.[?] ومثلما يُوحي اسم الحيوان، فهو قادرٌ على العيش في الماء المالح، إلا أنَّه غالباً ما يسكنُ المستنقعات، او الخلجان، أو الدلتا، أو التيارات النهريَّة المُنخفضة. يُعتبر هذا النوع أكثر التماسيح انتشاراً على الأرض الآن؛ إذ يعيش في منطقة تمتدُّ من شمال أستراليا، وعبر جنوب شرق آسيا، حتى شرقيِّ شبه القارة الهندية.
أكبر تمساحٍ في العالم
من الصَّعب توثيق أكبر تمساح موجودٍ في العالم على الإطلاق، لكن لجنة تحكيم كتاب غينيس للأرقام القياسيَّة قد وافقت على اعتماد ادعاء مُسجَّل لتمساح مياه مالحة عملاقٍ اصطيدَ في دولة بابوا نيوغينيا في شهر مايو سنة 1966، وقد بلغ طوله 6.3 أمتارٍ ووزنه حوالي 1,340 كيلوغراماً.[?] كما وثمَّة تسجيلٌ آخر في كتاب غينيس لتمساح يُسمَّى "كايلا" اصطيد في حديقة بيتاركانيكا في الهند، حيث يُزعَم أن طوله قد بلغ 7 أمتار بينما وصل وزنه إلى 2,000 كيلوغرام. لا تُوجد صورٌ موثَّقة لأي من التمساحيْن، كما أنَّ قياساتهما قد لا تكون دقيقة تماماً، لأنَّها تتجاوز بمقدارٍ كبيرٍ أي أرقامٍ مُسجَّلة علمياً لتماسيح أخرى.[?] بصورةٍ عامة، تقدر دراسة حكومية أجريت في أستراليا أنَّ أكبر تماسيح المياه العذبة الموجودة في العالم سيتراوح طولها على الأرجح بين 6 إلى 7 أمتار، وأمَّا وزنها فقد يكون حوالي 1,000 إلى 1,800 كيلوغرام.[?]
أكبر تمساح منقرض
اكتشف العُلماء في سنة 2012 ما يُمكن أن يكون أكبر نوعٍ من التّمساح في العالم في رسوبيَّات حوض توركانا الواقع شمال دولة كينيا، في شرق أفريقيا، ومن المحتمل أن يُعَدَّ هذا التمساح أكبر تمساح عرفه التاريخ إلى الآن والذي أطلق عليه اسم ""كروكوديلوس ثوربجارنارسوني" (بالإنجليزية: Crocodylus thorbjarnarsoni). من المُحتمل أن طول هذا التمساح قد وصل إلى تسعة أمتار، وبهذا يُعتبر أكبر بمقدارٍ معتبرٍ من أقربائه الحديثين مثل تمساح النيل وتمساح المياه المالحة.[?]
يُقدَّر عمر هذا التمساح بحوالي أربعة ملايين إلى مليوني سنة، وهو ينتمي إلى الجنس نفسه الذي يضمُّ مُعظم أنواع التماسيح الموجودة حالياً على الأرض، وقد حُدِّدت فصيلته بعد فحوصات أجراها عالم الجيولوجيا كريستوفر بروشو لمُدَّة ثلاث سنوات في متحفٍ بكينيا على حفريَّات التمساح. على الأرجح أنَّ هذا التمساح كان قادراً على التهام البشر، فقد قال أستاذ علم الجيولوجيا كريستوفر بروشو في متحف كينيا الوطني بمدينة نيروبي: "لقد عاش التمساح مع أجدادنا، ومن المُرجَّح أنه كان يلتهمهم"، على الرغم من أنهم من خلال إجراء الفحوصات لم يعثروا على حفريات للإنسان بجانبها. وأضاف بروشو: "إننا لا نملك في الواقع بقايا حفرية لبشر عليهم آثار عضَّات تماسيح، إلا أنّ التماسيح كانت أكبر من نظيراتها الموجودة اليوم، وكنا نحن أصغر حجماً، لذا فإنّ الأمر لم يتطلّب الكثير من العض على الأرجح".[??]