تدور في المنابر الإعلامية كلما حدث إقتتال بين طرفين مناقشات حول إتفاقيات جنيف، وحول الإنتهاكات لتلك الإتفاقات، ويرجع إلى وثائق اتفاقات جنيف كل من أراد أن يستند إلى رأي موثق بالدليل حول الإنتهاكات التي تحدث في حالات الحرب، أو الإقتتال الداخلي، أو الإعتداء المسلح من قبل منظمات أو دول على دول مجاورة أو على مدنيين، وهو الشائع عندنا في الشرق الأوسط، بسبب ما آلت إليه الأحوال السياسية والداخلية في أغلب الدول العربية، ولذلك أصبح من المفترض علينا نحن الذين نعيش في وسط تلك الأجواء السياسية المليئة بالتناحرات التي يمكن أن تؤدي إلى الإقتتال، وهو ما يحدث في العديد من البلدان العربية، أو على حدوها لدى الدول المجاورة، وجب علينا أن نعرف عن إتفاقيات جنيف لكي نستطيع رصد ما يحدث في الساحة العربية والعالمية بعين ثاقبة ومحللة .
يمكن القول عموماً عن اتفاقيات جنيف بأنها الإتفاقيات الدولية التي تتضمن حماية حقوق الإنسان في حالات الحرب، وتشمل تلك الحقوق كل من المدنيين الواقعين بين طرفي القتال، وأسرى الحرب من كل الأطراف، والجرحى كذلك، والمرضى من المدنيين والمقاتلين، وذلك عبر المنظمة التي أنشئت خصيصاً من أجل هذا الغرض بموجب تلك الإتفاقيات، وهي منظمة الصليب الأحمر الدولية، والتي كثيراً ما نسمع عن تدخلها في حالات تبادل أسرى الحرب أو إخلاء المدنيين أو المصابين، وفي الدول العربية تعرف بإسم منظمة الهلال الأحمر، واتفاقيات جنيف تعتبر جزء من القانون الدولي ومن المفترض أن توقع عقوبات على الدول أو المنظمات أو الأطراف المتنازعة التي تقوم بخرق تلك الإتفاقيات .
أما عن ظهور إتفاقيات جنيف وطريقة نشأتها، فقد كانت في منتصف القرن التاسع عشر أثناء الحرب العالمية الأولى، حيث قام رجل من جنيف يدعى ( هنري دونو ) بتأليف كتاب يدعو فيه إلى إنشاء هيئة مستقلة ومحايدة في كل دولة تكون مهمتها إغاثة ونجدة ضحايا الحروب من المدنيين والمصابين، وتحديد قوانين دولية تقضي بضرورة تمريض الجنود المصابين أياً كانت هويتهم، وقد تم التوقيع على اتفاقيات جنيف بعد ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وهي سارية المفعول من وقتها ويضاف إليها بروتوكولات جديدة تلتزم بها كل الدول الموقعة على الإتفاقية .