نستخدم مصطلح الحضارة بكثرة وبأشكال مختلفة خلال حياتنا اليومية، فنقول هذا شيء حضاري، هذا شاب حضاري، هذا شيء حضاري وغيرها من الجمل الكثيرة، لكن هنالك العديد من من هم لا يعلمون ما المقصود بالحضارة، وعلى ماذا ترتكز، وما عناصرها.
للحضارة أكثر من تعريف ومعنى وكلها تخدم نفس المعنى، البعض يقول بأنها الحياة الاجتماعية لمجموعة من الأفراد، يعيشون بمناطق جغرافية محددة كالمدن والأرياف، ونشير هنا الى ربط الموقع الجغرافي لم يأتي من فراغ، هناك من يقول بأن الحضارة عكس البداوة أو البدائية، ومن المعروف أن البدو لا يرتبطون بمكان جغرافي واحد بل يعتمدون على الترحال، وسنتحدث عن هذا لاحقاً.
ويعرف البعض الحضارة "هي كل ما يميز أمة عن أمة أخرى، من حيث العادات والتقاليد، اسلوب المعيشة والملبس، والتمسك بالقيم والاخلاق"، اما التعريف ومعنى الأكثر شهرة هو "الحضارة عبارة عن نظام اجتماعي يعين الانسان على زيادة انتاجه الثقافي، وتبدأ حين ينتهي الاضطراب والخوف، فتتحرر نفسية الانسان"، نلاحظ بهذا التعريف ومعنى انه ربط بين الشعور بالأمان والقدرة على الابتكار.
من خلال التعاريف السابقة نلاحظ بأن الحضارة ترتكز على شيئين، العلم والفن، فالبحث العملي بمختلف المجالات شيء مهم للنمو والازدهار والتقدم، والأهم من ذلك البقاء، وتتعدد كجالات الفن كالرسومات والمنحوتات والفن المعماري كذلك، ونلاحظ بأن أغلب الحضارات القديمة قامت بانشاء فنون معمارية لتتحدث للحضارات والشعوب اللاحقة عنها، رمزاً لحضارتهم المزدهرة، مثل الحضارة الرومانية والتي كانت من أكبر وأوسع الحضارات انتشاراً.
عناصر الحضارة الأساسية والتي تميز كل حضارة عن الأحري كالتالي:
- الموارد الاقتصادية.
- النظام السياسي.
- التقاليد والقيم الخلقية.
- متابعة العلوم والفنون.
وبفقدان واحدة من هذه العناصر الأربعة، ستتجه تلك الحضارة ومع الوقت الى الانهيار، حيث شبه الكثير من الفلاسفة الحضارة بالكائنات الحية "تولد، وتنمو ومن ثم تموت"؛ وأشار أحد المؤرخين البريطانيين الى أن الحضارة تنمور في ظل وجود تحدي من البيئة للناس، ونستذكر هنا المقارنة ما بين البداوة والحضارة، حيث قلنا أن البداوة لا ترتبط بمكان جغرافي واحد، أي أنها لا تواجه اي تحدي حقيقي يتسبب في توليد اية ابتكارات لمواجهة هذه التحديات، بينما الحضارة في رأي هذا المؤرخ تستدعي وجود تحدي للناس، مثل سكان القطب الشمالي، يواجهون البرد ومع ذلك قامو ببناء بيوت ثلجية وعمل ملابس من فراء الحيوانات لمواجهة البرد القارس، ومن البديهي ان تؤول اي حضارة الى الانهيار حين تنعدم الابتكارات والتي تضمن الاستمرارية.
شهد العالم العديد من الحضارات المختلفة في شتى بقاع الأرض، ولمعرفتها يجب أن نعلم:
- أساليب العيش والبيئة المحيطة.
- الوضع الاقتصادي.
- العلاقات الاجتماعية السائدة.
- نظام الحكم.
- الانجازات بمختلف المجالات اعلمية، الثقافية، والعمرانية.
وبذلك قبل البدء باجراء اية مقارنة بين اي من الحضارات، عليك معرفة كل من ما سبق لكل واحدة على حدى، حتى تتمكن من الوصول الى نتيجة واقعية بعض الشيء، الا انه لو عاد بك الزمان الى أي من تلك الحضارات وعشت بها لأصبحت أكيداً بأن الحضارة تلك التي تعيش بها هي الاحسن وأفضل على الإطلاق، وهذا ما لاحظه العلماء الآن عن فلاسفة وعلماء تلك الحضارات.