كيف استطاع الجمل التكيف مع بيئة الصحراء الحارة
تتنوع البيئات على سطح الأرض ما بين الحارة والباردة، وهذا التنوع أدى إلى تنوع الكائنات الحية وسبل تكيفها وتأقلمها مع الظروف المحيطة بها، كما أن كل المخلوقات تمتلك الإمكانيات التي تساعدها على العيش في البيئة التي خلقت فيها، ومن أمثلة تلك البيئات الصحراء، وهي عبارة عن مناطق رملية شديدة الحرارة وجافة جدا، وتفتقر إلى أي من مقومات الحياة تقريبًا، حيث أن المياه تكاد تكون معدومة إلا من بعض الواحات، وقليلٍ من الأمطار التي تسقط عليها، فتنمو فيها النباتات الشوكية الصحراوية، وبالرغم من الظروف الصعبة في الصحراء، إلا أن هناك حيوانات استطاعت أن تتغلب على كل تلك المعيقات، وتكيّفت مع الأجواء الحارة وقلة المياه، ويعدّ الجمل من أكبر حيوانات الصحراء، وأكثرها تحملًّا لهذه الظروف، فهو قادر على تحمّل الجوع والعطش لمدة طويلة، والسير بشكل متواصل دون أن يشعر بالتعب، ولهذا السبب أطلق عليه اسم سفينة الصحراء، ويرجع ذلك إلي بنيته الجسدية العجيبة التي وهبها له الخالق سبحانه وتعالى، فهو يمتلك سناما ضخما يخزّن فيه غذاءه، ويقوم جسم الجمل بتحويل الطعام إلى دهون، ويمتلك الجمل أنفًا غريبًا تختلف عن باقي الحيوانات، فهي مجعدة من الداخل بشكل ملحوظ، وسبب ذلك أنها تعمل كمكثّف، فتكثّف بخار الماء الخارج مع عملية الزفير، فيخرج ثاني أكسيد الكربون ويحتفظ الجمل بالماء، فلا يضطر جسمه لفقد المزيد من الماء، وبذلك يستعيد الجمل الماء ليستخدمه في رحلته الطويلة في الصحراء، ويستطيع الجمل ملء معدته بكميات كبيرة من الماء، حيث يستوعب ما يقارب 16 لترًا دون أن يصاب بأي أذى، فهو بخلاف الكائنات الحية يمتلك كريات دم بيضاوية الشكل ,وتأخذ الشكل الدائري عندما يكثر الجمل من الشرب، كما أنّه يتميز عن بقية الحيوانات فهو لا يفرز العرق، بل يقوم برفع درجة حرارة جسمه إلى 41 درجة مئوية لتتناسب مع درجة حرارة الصحراء، وبذلك لا يضطر جسمه إلى التعرق، ويختزن جسم الجمل الحرارة نهارًا ويتخلص منها ليلا. وللجمل شفة علوية مشقوقة، يتمكن بها من التقاط النباتات الشوكية، كما أن له أسنانًا قواطع تمكنّه من مضغ الأشواك، ونلاحظ أن أذن الجمل صغيرة جدا، وتحتوي على شعيرات متناهية في الصغر حتى تمنع دخول رمال و غبار الصحراء إليها، ولا يتوقف سبل تكيف الجمل مع بيئة الصحراء عند هذا الحد، فعيونه مزودة بصفين من الأهداب الطويلة؛ حتى تمنع دخول رمال الصحراء وغبارها فيهما، ليس هذا فحسب؛ بل إنّ الجمل يتميز عن بقية الكائنات الحية بأرجله الطويلة حتى تبعده عن حرارة رمال الصحراء، وهي مزودة بخف إسفنجي لين، يمكنه من السير على رمال الصحراء الملتهبة دون أن يشعر بالألم أو أن تبطئ من سرعته.