تعرف ما هو عقاب تارك الصلاة
تعتبر الصّلاة في الدّين الإسلامي عماد الدّين، وهي ما يفرّق به بين المؤمن والكافر، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ بين الرّجل وبين الكفر ـ أو الشّرك ـ ترك الصّلاة "، أخرجه مسلم، وقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" العهد الذي بيننا وبينهم الصّلاة، فمن تركها فقد كفر "، رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي.
وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" لا حظّ في الإسلام لمن ترك الصّلاة "، وقال عبد الله بن شقيق: كان أصحاب رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصّلاة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال:" من ترك الصّلاة فقد كفر "، رواه المروزي في تعظيم قدر الصّلاة.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:" من لم يصلّ فهو كافر "، رواه ابن عبد البر في التمهيد، وهذه هي عقوبة من ترك الصّلاة بشكلّ قطعيّ وتامّ، ولكنّ الإنسان الذي يصليها مع تكاسل في أدائها، أو يقوم بتأخيرها عن وقتها، فقد توعّده الله سبحانه وتعالى بالويل فقال:" فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون "، الماعون/5.
وأوّل ما يحاسب عنه العبد في يوم القيامة هو الصّلاة، كما قال الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:" أوّل ما يحاسب عليه العبد الصّلاة، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر "، رواه الترمذي وحسّنه، وأبو داود والنّسائي، وإنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - ليعرف أفراد أمّته يوم القيامة بالغرّة والتحجيل، وذلك من أثر الوضوء، قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:" إنّ أمّتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجّلين من أثر الوضوء "، رواه البخاري ومسلم.
ويعدّ ترك الصّلاة من المعاصي الكبيرة، وهذه المعاصي تعمل على أن ينسى الإنسان نفسه، كما قال الإمام ابن القيّم:" فإذا نسي نفسه أهملها وأفسدها، وقال أيضا: ومن عقوباتها أنّها: تزيل النّعم الحاضرة وتقطع النّعم الواصلة، فتزيل الحاصل وتمنع الواصل، فإنّ نعم الله ما حفظ موجودها بمثل طاعته، ولا استجلب مفقودها بمثل طاعته، فإنّ ما عند الله لا ينال إلا بطاعته.. ومن عقوبة المعاصي أيضاً: سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله، وعند خلقه، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلةً أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد تكون له منزلة عنده، فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده. ومن العقوبات التي تلحق تارك الصلاة: سوء الخاتمة، والمعيشة الضنك، لعموم قوله تعالى:" ومن أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى "، طه/124 ".
وقد اتفق الفقهاء على أنّ من قام بترك الصّلاة جاحداً بها، ومنكراً لها، فهو يعتبر خارجاً عن الملة ولك بالإجماع، وأمّا من قام بتركها وهو مؤمن بها، ومعتقد بفرضيّتها، ولكنّه يقوم بتركها متكاسلاً، أو متشاغلاً عنها، فقد وردت أحاديث صريحة بكفره، وهناك من العلماء من أخذ بهذه الأحاديث، وكفّر تارك الصّلاة، وأباح دمه، وهذا هو مذهب الإمام أحمد، وهذا هو المنقول عن أصحاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وهناك جماعة من العلماء قد اختاروا أنّ تارك الصّلاة يقتل حدّاً لا كفراً، وهذا قول كلّ من الإمام مالك والشّافعي، ومنهم من رأى أنّه يحبس حتى يؤدّي الصّلاة، وهذا هو قول الإمام أبو حنيفة، والرّاحج أنّه يستتاب، فإمّا أنّه يتوب أو يقتل على أنّه مرتدّ، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" رأس الأمر الإسلام وعموده الصّلاة، وذروة سنامه الجهاد "، رواه الترمذي وصحّحه. (1)
شروط الصلاة
إنّ للصلاة شروطاً لا تتمّ إلا بها، وهي على النّحو التالي: (2)
- الإسلام، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:" مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ "، التوبة/17.
- العقل، وعكس ذلك الجنون، والمجنون مرفوع عنه القلم حتّى يفيق، وذلك لحديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - عن النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن المجنون المغلوب على عقله حتّى يفيق، وعن النّائم حتى يستيقظ، وعن الصّبي حتى يحتلم "، رواه أبو داود.
- التّمييز، وعكسه الصّغر، وحدّه سبع سنين، ثم يُؤمر بعدها بأداء الصّلاة.
- رفع الحدث، وهو الوضوء للحدث الأصغر، والغسل من الحدث الأكبر، وذلك لقول الله عزّ وجلّ:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ الله لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "، المائدة/6.
- إزالة النّجاسة من البدن، والثّوب، والبقعة.
- ستر العورة مع القدرة، وذلك بشيء لا يصف البشرة، حيث أنّ أهل العلم قد أجمعوا على أنّ من صلّى عرياناً فقد فسدت صلاته، هذا وهو قادر على ستر عورته، وتعتبر عورة الرّجل من سرّته إلى ركبته، وعورة المرأة كلها ما عدا وجهها في الصّلاة.
أركان الصلاة
إنّ للصلاة أركاناً لا تقوم إلا بها، وهي لا تسقط لا بالجهل، ولا بالعمد، وبالسّهو، وهي على النّحو التالي: (3)
- أن يقوم في صلاة الفرض، مع قدرته على ذلك، قال سبحانه وتعالى:" حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ للهِ قَانِتِينَ "، البقرة/ 238.
- أن يكبّر تكبيرة الإحرام، وذلك لقول النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في الحديث:" إذا قمت إلى الصّلاة فكبّر "، متفق عليه.
- أن يقرأ سورة الفاتحة على الترتيب في كلّ ركعة، وذلك لحديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - قال:" لا صلاةَ لمَنْ لم يقرأْ بفاتحة الكتاب "، متفق عليه.
- أن يركع، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا "، الحج/77.
- أن يرفع من الرّكوع، وأن يعتدل قائماً، وذلك لقوله - صلّى الله عليه وسلّم - في الحديث:" ثمّ ارفعْ حتى تعدلَ قائمًا "، رواه البخاري.
- أن يسجد على أعضائه السّبعة، وذلك لقوله سبحانه وتعالى:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا "، الحج/77.
- أن يرفع من السّجود، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" ثمّ ارفع حتى تطمئن جالساً "، رواه البخاري.
- أن يجلس بين السّجدتين، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم:" حتى تطمئنّ جالساً "، رواه البخاري.
- أن يطمئنّ في جميع أركان الصّلاة، وذلك لقول النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في الحديث:" حتى تطمئنَّ "، رواه البخاري.
- أن يتشهّد التشهّد الأخير، وذلك لحديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - وفيه:" لا تقولوا: السّلامُ على الله، فإنّ الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله ... "، متفق عليه.
- أن يجلس في التشهّد الأخير، وذلك لأنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قد فعل ذلك جالسًا.
- أن يصلي على النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - في التشهّد الأخير، وذلك لقول الله سبحانه وتعالى:" إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا "، الأحزاب/56.
- أن يرتّب بين أركان الصّلاة، وذلك لأنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - عندما علم المسيء بصلاته مرتبةً بـ ثُمَّ، فقال:" إذا قمت إلى الصّلاة فكبِّرْ، ثمّ اقرأْ ما تيسَّرَ معك مِنَ القرآن، ثمَّ اركعْ حتى تطمئنَّ راكعًا، ثمّ ارفعْ حتى تعتدلَ قائمًا، ثمَّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثمَّ ارفعْ حتى تطمئنَّ جالسًا، ثمَّ اسجدْ حتى تطمئنَّ ساجدًا، ثمَّ ارفعْ حتى تطمئنَّ جالسًا، ثم افعلْ ذلك في صلاتك كلها "، متفق عليه.
- أن يسلم عن اليمين والشّمال، وذلك لحديث علي - رضي الله عنه - يرفعه:" مفتاح الصّلاة الطّهور، وتحريمها التّكْبير، وتحليلُها التّسليم "، رواه أبو داود.
المراجع
(1) بتصرّف عن فتوى رقم 6061/ عقوبة تارك الصلاة في الدنيا والآخرة/ 26-1-2004/ مركز الفتوى/ إسلام ويب/ islamweb.net
(2) بتصرّف عن كتاب شروط الصلاة في ضوء الكتاب والسنة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض/ الجزء الأول.
(3) بتصرّف عن كتاب أركان الصلاة/ د. سعيد بن وهف القحطاني/ مطبعة سفير- الرياض.