حكم بلع الريق للصائم
فإن الشريعة الإسلامية مبنية على اليسر، ورفع الحرج والضيق، حيث قال تعالى: { يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ } [البقرة: 185]. وقال أيضًا: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78]. فالله تبارك وتعالى لا يحاسب المسلمين على أمور يشق ويصعب عليهم التحرز منها، وبناءً على هذا فقد قال العلماء بأن الصائم إذا بلع ريقه فإنه لا يفطر، وصيامه صحيح؛ لأن الريق هو مما يصعب على المرء أن يتحرز منه، فهو يُفْرَز ويتجمع في الفم باستمرار، وإذا أراد المرء أن يتحزر منه أثناء صومه، فيلزمه أن يمضي النهار وهو يبصق مراتٍ عديدة! وفي هذا الأمر بلا شك حرج ومشقة كبيرة. كما أن المسلم إذا اشتغل طوال النهار بالبصق، فإنه سيضيع على نفسه الكثير من الأوقات، وسيفوت على نفسه الكثير من العبادات والنوافل.
فمجرد بلع الصائم لريقه فإن صيامه لا يفسد، وقد نص بعض العلماء على أن الصائم إذا جَمَّعَ الريق في فمه، ثم قام ببلعه، فإنه لا يفطر، وصيامه صحيح، ومن العلماء من حكم بكراهة هذا الجمع. وقد نص العلماء أيضًا على أن بلع الريق لا يفطر حتى لو كان متتابعًا وكثيرًا.
الريق الذي يفطر به الصائم إذا بلعه
وينبغي علينا أن ننبه إلى أن الريق الذي لا يفطر الصائم بابتلاعه هو الريق الخالص، أما الريق المختلط بأشياء أخرى يمكن التحرز منهما، بحيث يتغير لونه وطعمه، أو أحدهما، ومثال ذلك أن يكون الريق مختلطًا بالماء، أو الدم، أو شيء من بقايا الطعام، أو غير ذلك، فهذا الريق المختلط يفسد الصيام إذا ما ابتلعه الصائم متعمدًا وهو يعلم بتلك الأشياء التي بلعها مع ريقه، أما إذا لم يعلم بما قد بلعه مع الريق، حيث قام ببلع ريقه كالمعتاد، ولم يحس بشيء من هذه الأشياء، فإنه لا يفطر.
وحتى الريق الخالص قد يفطر الصائم بسبب بلعه في حالات معينة، ومنها: إذا قام بإخراجه إلى خارج الفم، ومن ثم قام بتناوله وبلعه، فإنه في هذه الحالة يفطر، وقد نص بعض العلماء على أن الصائم إذا قام بإخراج الريق إلى الشفة الخارجية، ومن ثم قام بإعادته وابتلاعه فإن أيضًا يفطر. وكذلك الأمر إذا ابتلع الصائم ريق إنسانٍ آخر، مثل: أن يبتلع الصائم ريق زوجته أثناء تبادل القبلات، أو أن تبتلع الزوجة ريق زوجها وهو يقبلها، ولذلك فينبغي على كل من الزوجين الحذر من هذا الأمر.
