الموت هو مصر الإنسان وهو مصير الكائنات الحية وكل ما خلق الله تعالى، فليس هناك شيء خلقه وأوجده الخالق لن يلاقي مصير الموت، فهو المصير المحتوم الذي لا مفر ولا هرب منه مهما حاولنا التهرب منه أو التقليل من التفكير فيه. حسب العقائد السماوية فالموت هو بوابة الدخول إلى عالم آخر، عالم يتحدّد مصير الإنسان فيه بناءً على ما اقترفه في حياته الدنيا وهي المكان الذي يعتبر طريقاً إلى عالم ما بعد الموت، فالموت هو توقف الأجهزة في جسم الإنسان عن العمل وتوقف تجدد خلاياه،ى وانتقال نفسه إلى العالم الآخر، وبالموت تنقطع أعمال الإنسان ويكون قد استنفذ حقه ونصيبه من الحياة بانتظار ما ستؤول إليه حاله بعد الموت.
والخوف من الموت شئ طبيعي، وعدم الخوف من الموت هو الشئ غير الطبيعي، فمن فقد الإحساس بالخوف من الموت يجب أن يراجع حساباته، ويراجع إنسانيته، لأنه سيصبح إنساناً خطيراً مستعد لأن يضحي بحياته لأتفه الأسباب، وإذا كان أصلاً لا يبالي بحياته فحري به أن لا يبالي بحيوات الآخرين أيضاً.
الخوف من الموت ضروري حتى يحسب الإنسان حساباً لنفسه بعد الموت، يعد إعداداً جيداً لهذه المرحلة فيعمل الصالح من الأعمال ويبتعد عما ينافي الأخلاق والأعمال السيئة، فالإنسان خلال حياته يكون في حالة خوف يدفعه إلى العمل، أما عند اقتراب أجله فيصبح في حالة رجاء، لأن الإنسان مهما عمل ومهما كانت مكانته فهو بحاجة إلى رحمة الله لتجعله في المكان الذي يطمح إليه. قال عمر بن الخطاب: "كفى بالموت واعظاً" في عبارة بليغة تؤكد كل المعاني التي تخطر على البال عند ذكر الموت.
وكثرة الموت في الناس والقتل تفقد الموت هيبته، والحالة الخطرة التي دخل بها الناس في القرن الماضي بسبب كثرة الحروب والمعارك وكثرة القتلى والموت، هي أن الموت قد فقد هيبته، ودفع بعض الناس إلى أن يفقدوا معنى الموت من الخوف منه من قلوبهم، فحب الحياة شئ متأصل في قلب الإنسان، فقد خلق الله الإنسان ليحيا ويعيش ويتكاثر ويتعلم ويستمتع بمباهج الحياة، ولم يخلقه ليسكن وينتظر الموت بل على العكس يحبه ويشتاق إليه.
وهناك أيضاً البعض من الناس من يغالي في تذكير الناس في الموت فلا يوجد على لسانه إلا موضوع الموت وماذا سيفعل بالإنسان بعد الموت وكيف ستخرج نفس الإنسان، وكيف ستكون حالة الإنسان عند موته، وبالتالي فمثل هذه المواضيع من شأنها أن تبث الكآبة عند الجمهور المتلقي وتبد عنه النشاط والحيوية، ولكن لا بأس من التذكير خلال فترات طويلة خصوصاً إذا ظهر من الناس تعلقهم الزائد بالدنيا الذي يفوق الحدود الطبيعية، وإذا أغفلوا أيضاً الغاية التي خلقوا من أجلها وهي العلم والمعرفة والعبادة ونشر الخير بين الناس.