الهيليوم هو إحدى العناصر الكيميائية الموجودة في الطبيعة، والذي يقع في الدورة الأولى على رأس المجموعة الثامنة في الجدول الدوري للعناصر، ويرمز له بالرمز " He "، وهو إحدى العناصر النبيلة الخاملة عدده الذري 2 ، ويمتاز بخفة وزنه، وناقليته الحرارية المرتفعة، يتألّف الهيليوم من نواة فيها بروتونين ونيوترونين اثنين، يحيط بهما إلكترونين اثنين في مداراتها الذريّة.
إنّ غاز الهيليوم عديم اللون والرائحة والمذاق، غير قابل للاشتعال، يخلو من السمية، وهو العنصر الوحيد الذي يمتلك سرعة إفلات وتسرب عالية، أما نشاطه الكيميائي فهو قليل جداً؛ بسبب وجود إلكترونين في أفلاكه الخارجية؛ أي ممتلئ المدارات الإلكترونية، مما يجعله مستقراً، لذلك يكون على شكل أحادي الذرة، وهو قليل الذوبان في الماء، وكثافته وغليانه منخفضان أيضاً.
أما إكتشاف عنصر الهيليوم لأول مرة ؛ فيعود لعام 1868 م عند حدوث كسوف كلي للشمس في الهند، فإكتشف وجوده في الشمس قبل الأرض.
إنّ عنصر الهيليوم متوفر في الكون، وكذلك يدخل في تركيب الغلاف الغازي للعديد من الكواكب، أما على سطح الأرض فهو نادر الوجود، حيث يتركز في الغلاف الجوي بنسبة 5.2 جزء في المليون ، خاصة في طبقات الجو العليا منه ، ويعود سبب ضآلته رغم الإنّتاج المستمر له إلى سرعة انفلاته إلى الفضاء الخارجي. كما ينتج سنوياً من الهيليوم عبر الغلاف الصخري الأرض 3000 طن متري حيث يوجد بكميات كبيرة في تركيب معادن اليورانيوم والثوريوم بسبب إضمحلالها الإشعاعي، وإطلاقها لجسيمات ألفا، والتي تتجمّع إلكتروناتها لتشكّل الهيليوم عندما تصطدم بالغلاف الصخري.
يوجد عدة نظائر للهيليوم، نظيران منها مستقران وهما: هيليوم 3 الذي يحتوي على نيوترون واحد في نواته ، وهيليوم 4 الذي يحتوي على نيوترونين إثنين فيها ، والذي يعد النظير الطبيعي الأكثر وفرة .
تعدّ أمريكا المزود الأكبر للهيليوم؛ بسبب إكتشافها لوجوده مع الغاز الطبيعي في الأرض عام 1903 م أثناء التنقيب عن النفط في ولاية " كانساس" الأمريكية، حيث إنّ المصدر الطبيعي الأكبر للهيليوم هو وجوده في آبار الغاز الطبيعي، نتيجة إحتباسه تحت الطبقات الصخريّة للأرض، إذ يستخرج من هناك بواسطة التقطير التجزيئي إلا أن مصادره قابلة للنفاد، وتوجد كمّيّات قليلة من الهيليوم في الينابيع المعدنيّة، والغازات البركانيّة والأحجار النيزكيّة، والقشرة الأرضية، وكذلك في مياه البحار، لكن على الرغم من ندرة وجود الهيليوم على الأرض؛ فإنّه يتركز تحت السهول الكبرى بكميّات كبيرة، كناتج ثانوي في عملية استخراج الغاز الطبيعي .
إنّ خواص الهيليوم المميزة تتيح استخدامه في العديد من المجالات؛ فهو يستخدم في تبريد الأجهزة المغناطيسية، وفي صنع رقائق السليكون والجرمانيوم، والجدير بالذكر إستخدامه في كشف التسريب في الأجهزة التي تستخدم تفريغ مرتفع؛ بسبب إنتشاره في المواد الصلبة أسرع من إنتشاره في الهواء، وكذلك يستخدم الهيليوم في ملء السفن الهوائية والمناطيد لتتمكّن من الطيران؛ بسبب خفته وقلة كثافته، وعدم قابليته للاشتعال، بخلاف الهيدروجين الذي يتميز بقابليته للإشتعاله، حيث تم إستخدامه في الحرب العالميّة الأولى في تعبئة المناطيد، وفي تجهيز المناطيد العسكريّة، وتم استخدامه أيضاً في الحرب العالميّة الثانيّة في عمليّات اللحام القوسي من أجل التجهيزات العسكريّة، وفي كشف التسريبات في عملية الإنتشار الغازي أثناء تخصيب اليورانيوم؛ لتصنيع القنبلة الذريّة .
هذا ويجب الحذر أثناء استخدام الهيليوم السائل؛ لإنخفاض درجة حرارته وكذلك الغازي؛ لأنّ إستنشاق الهيليوم بكثرة قد يكون خطراً، حيث يؤدّي إلى الإختناق؛ لأنّه يحلّ محلّ الأكسجين اللازم لعمليّة التنفّس .