المسجد الحرام هو من أعظم المساجد بالعالم أجمع، والذي يشكّل أهمية وفائدة كبيرة لدى المسلمين، فهو أوّل بقعة على الأرض وُضعت للمسلمين لأداء العبادات والصلاة لله تعالى كما أمرنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فهو من المقدّسات العظيمة عند المسلمين، حيث يعد وجهة القبلة المحدّدة للصلاة لجميع بقاع العالم، ويقع هذا المسجد العظيم بوسط مكة المكرمة غرب المملكة العربية السعودية . كما وقد ذُكر المسجد الحرام في القران الكريم حيث قال تعالى بذكره الحكيم ( إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ) سورة آل عمران .
سُمّي المسجد الحرام بهذا الاسم لحرمة القتال فيه بعد أن دخله الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم منتصراً بمكة المكرمة وقال الرسول عليه السلام : ( لا تشد الرحال إلا لثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى)، ويقصد بمسجدي هذا المسجد النبوي.
تم بناء المسجد الحرام منذ بداية بناء الكعبة المشرفة حينما بناها الملائكة عليهم السلام قبل زمن سيدنا آدم عليه السلام، وكان بذلك الوقت عبارة عن ياقوتة حمراء، ومن ثم رُفِعت إلى السماء وكان هذا قبل مجيء الطوفان، وبعد انتهاء الطوفان عمل سيدنا إبراهيم مع ابنه اسماعيل عليه السلام ببناء الكعبة المشرفة بعد أن أوحى الله تعالى إلى سيدنا ابراهيم بمكان البيت كما ورد بذكره الحكيم وبتطهير المساحة المحيطة بالكعبة، ومن ثمّ جاء جبريل عليه السلام لسيدنا إبراهيم ومعه الحجر الأسود ووضعه بمكانه، ومن المعروف هنا أنّ هذا الحجر هو من حجارة الجنّة، يمتاز بلونه الأبيض الناصع، ولكن سّوّته خطايا أهل الشرك كما قال رسولنا الكريم ( الحجر الأسود من الجنة كان أشد بياضاً من الثلج لكن سوّدته خطايا أهل الشرك ).
كان المسجد الحرام بزمن الرسول صلى الله عليه وسلم بدون سقف أو جدران أو أعمدة وبقي على هذا الحال حتّى زمن الخليفة أبو بكر الصديق، حيث بدأت أعمال التوسعة لأول مرّة بهذا المسجد بعد مجيء السيل الذي دمّر أجزاء كبيرة من المسجد بزمن عمر بن الخطاب بعدما أصبح عدد المسلمين كبيراً وانتشر الإسلام بشكل كبير، فقرّر عمر بن الخطاب بإجراء هذه التوسعة لاستقبال عباد الرحمن للعبادة وأضاف له الأبواب، وبقي على هذا الحال حتّى زمن عثمان بن عفان الذي بدوره عمِل على توسعته مجدّداً وذلك لزيادة عدد المسلمين الكبير الذي تمّ بحمد الله، وزيادة سكان أهل مكة وزيادة ضيوف الرحمن، كما وأضاف الأروقة لهذا المكان مع شراء الأراضي المجاورة وإضافتها للمسجد.
أمّا في بزمن الزبير بن عوام فقد تمّت التوسعة الثالثة، حيث أضاف له الأعمدة من الرخام وقام بتعريض الأعمدة وجعل لها بابين الشرقي للدخول والغربي للخروج، وضاعف حجمها حتّى أصبحت المساحة عشرة آلاف متر مربّع، وتوالت التَّوسعات من زمن لآخر مع الحفاظ على مكانة هذا المسجد العظيم لدى المسلمين من جميع أنحاء العالم، وأصبح المكان الذي يقضون فيه مناسك العمرة بجميع أوقات السنة وأداءمناسك الحج كما أمرنا الله تعالى.
ويجري الأن وبهذا الزمن التوسعات الحديثة للمسجد الحرام وهي شاملة لكامل المسجد ليتسع لأكبر عدد من المسلمين لأداء العبادات بشكل مريح دون الشعور بالزحام وتم تطوير المكان واضافة مبردات الهواء التي تعمل على مدار الساعة بسبب الجو الجاف والحار التي تتمتع به المملكة العربية السعودية .