إنّ ديننا الحنيف شمل في أحكامه وتشريعاته مختلف أنماط حياتنا، فلم يترك لا صغيرة ولا كبيرة إلّا ووضّحها ووضع فيها حكماً شرعيّاً يسير عليه المسلمون في حياتهم، حتّى لا يختلفون. ومن الأحكام الفقهيّة التي وضعها الإسلام أحكامه في الإقتصادية فيما يخصّ البيع، بما فيها حكم الربا، فتعرف ما هو الربا؟ وتعرف ما هو حكمه؟
الربا في اللّغة هو الزيادة والنماء، أمّا الرّبا إصطلاحاً في العقيدة الإسلاميّة: فهو هو كلّ زيادة مشروطة بمبلغ من المال يكون زائداً عن المبلغ الاًصليّ مقابل الأجل، أي تأجيل تسديد المال لفترة من الزّمن، فالرّبا هو أحد المعاملات بين الدائن والمدين، حيث يعطي الدائن المدين مالاً على أن يسدده المدين في فترة محدّدة مع إضافة فوائد ومبلغ زائد عن الأصلي.
للرّبا نوعان؛ هما:
أوّلاً: ربا الدّيون:
وربا الدّيون يعني الزيادة التي تكون في الدّين مقابل تسديده بعد فترة بمبلغ زائد، أو ما يسمّى في عصرنا الحالي ويتمّ التعامل به في بعض البنوك الربوّية "الفائدة". وهذا النّوع كان شائعاً في الجاهليّة وفي زمن الرّسول حتّى جاء الإسلام وحّرمه.
ثانياً: ربا البيع:
وهو يعني بيع الأموال بعضها ببعض، أو بيع المال مقابل مال أكثر مع زيادة فترة التسديد، وربا البيع قسمان هما:
1. ربا الفضل: وهو يعني أن يعطي الدائن المدين مبلغاً من المال، مقابل أن يسدده بنفس العملة لكن يتضاعف سعر العملة، كأن يبيع البعض الدينار بدينارين نقداً، أو يبيع طنّاً من القمح مقابل طنين من القمح في فترة مؤجلة، وغيرها من الأمثلة.
2. ربا النسيئة: وهو يشبه ربا الفضل في المعنى: لكنّ الإختلاف الأساس بينهما يكمن في بيع العملة مقابل العملة مع تأخّر قبضها الحاليّ.
وقد حرّم الإسلام الربا وإعتبره من الكبائر التي يعّذب الإنسان المسلم عليها وتحلّ عليه لعنة الله سبحانه وتعالى، وكما تمّ تحريمه في الديانات السماويّة الأخرى. يقول الله سبحانه وتعالى: "الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ".
وقد كانت الحكمة من تحريم الرّبا تتلخّص في أضرار الربا الإجتماعيّة والإقتصاديّة ما لها من تأثير ونتائج على المجتمع المسلم. فوجود الرّبا وإنتشاره في المجتمع تعرف على ما هى إلاّ ظاهرة من ظواهر الأنانيّة عند الإنسان وعبادته للمال وتقديسه له، وقد حارب الإسلام الربا ليهذّب النّفس الإنسانيّة، ويعوّد الإنسان على عمل الخير والإحسان للغير.
كما أنّ تحريم الرّبا كان لحكمة إقتصاديّة، وتساعد في تنظيم الإقتصاد في الدّولة. حيث أنّ الرّبا يسهم في زيادة الفقر في المجتمع، حيث أنّ المال يتركّز في هذه الحالة بيد الأغنياء الفقراء، وتزيد الطبقتين والفارق بينهم وتتلاشى الطبقة الوسطى. كما أنّ انتشار الرّبا في الدّول الغربيّة خاصّة أدّى إلى زيادة إسراف أفراد المجتمع في صرفهم للأموال وعدم إدّخارها وإستثمارها فيما فيه صلاح المجتمع وتطوّره.