الرِّبا
الرِّبا من أخطر المسائل التي قد يُبتلى فيها إنسانٌ أو مجتمعٌ بأَسره؛ فقد أجمعت جميع الشَّرائع بما فيها الإسلام على تحريم الرِّبا والتَّعامل به، واعتباره واحداً من الكبائر الموبقة أي المُهلكة في الدُّنيا والآخرة، ولم يقتصر الإسلام على الوعيد لآكل الرِّبا وإنَّما تعدَّاه إلى موكله وشاهديه وكاتبه، كما أخبر النَّبي صلى الله عليه وسلم أنّ درهماً واحداً من الرِّبا أشدُّ من ثلاثٍ وثلاثين زنيةً في الإسلام، أو ستٍّ وثلاثين.
أكل الرِّبا من صفات اليهود التي نالوا بسببها اللَّعنة الخالدة المتواصلة، ووصف القرآن الكريم المرابي- الإنسان الذي يتعامل بالربا- بأنه كفّار أثيم، قال الله تعالى: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ).
جاء تعريف ومعنى الرِّبا في الشَّرع بأنّه كُلُّ زيادةٍ في أصنافٍ حددّها الشَّرع وضِمن قواعد شرعيّة، وهي: البُرّ، والشَّعير، والتَّمر، والملح، والذَّهب، والفضّة، وينقسم الرِّبا إلى قسمين هما: ربا الفضل، وربا النَّسيئة.
أضرار الرِّبا
ما حُرِّم شيءٌ في كتاب الله وسُنّة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا وله من الأضرار والمساوئ الشَّيء الكثير، وكذلك الحال مع تحريم الرِّبا والتَّعامل به، وجمع الأموال عن طريقه، ومن هذه الأضرار:
- المرابي يأخذ من النَّاس المال الزَّائد عن القيمة الفعليّة التي يدفع بها إليهم؛ ففي ذلك أكلٌ لأموال النَّاس دون حقٍّ ظُلماً وعدواناً سببه حاجة النَّاس وجشع المرابي.
- زيادة العبء على الفقراء والضُّعفاء والمحتاجين الذين يلجؤون لأخذ المال من المرابي؛ لسدّ حاجاتهم ولكنّهم في ذات الوقت يقعون تحت عبء ردّ المال إلى المرابي مُضاعفاً.
- التَّعامل بالرَّبا فيه إغلاقٌ لباب المعروف بين النَّاس بالتَّساعد والتَّشارك والمؤازرة في المِحن، كما فيه سدٌّ لباب من الأبواب التي ندب الإسلام إلى التَّعامل بها وهو باب القرض الحَسَن.
- جني المال دون تعبٍ ولا كدٍّ وهو مال محرَّمٌ بنصّ جميع الأديان؛ فهو مالٌ ممحوق البركة ومعرَّضٌ للتَّلف والزَّوال في أيّ وقت بحريقٍ أو غرقٍ أو سرقةٍ أو اختلاسٍ أو عِلاجٍ من مرضٍ.
- الرِّبا من أعظم أضراره على المرابي نفسه بأنّه يجعل من نفسه عدواً لله ورسوله، وفي حال إصراره عليه فهو في مواجهة حرب يشنَّها عليه الله ورسوله.
- الرِّبا قائمٌ على مبدأ الأخذ دون العطاء، واستغلال حاجة النَّاس كمن يصطاد في الماء العَكِر؛ فالرِّبا تدفع بالإنسان إلى مساوئ الأخلاق والطِّباع من الجشع، والأنانية، وحب الذَّات، والشُّح، والبخل؛ فيصبح المرابي رجلاً بغيضاً مكروهاً بين النَّاس.
- تقويض البُنية الاقتصاديّة لأيّ مجتمعٍ تنتشر فيه هذه الآفة؛ فيصبح المال بيد مجموعة تزداد غنىً وثراءً على حساب مجموعاتٍ أُخرى تزداد فقراً، وتغرق في ديونها أكثر وأكثر.