السّلطان محمّد الفاتح
هو محمّد الثّاني بن مراد الثّاني الفاتح، وبالتركيّة فاتح سلطان خان المعروف بعدّة ألقابٍ، وهي؛ الفاتح، أبو الفتوح، الغازي، صاحب النبوّة، وأبو الخيرات، وبعد فتح القسطنطينيّة لقّب بالقيصر، وهو سابع السّلاطين العثمانيين، ولد في العشرين من شهر نيسان للعام ألفٍ وأربعمئةٍ وتسعٍة وعشرين في منطقة أدرنة التركيّة، وتزّوج عدّة نساء أولّهن والدة ولي العهد أمينة جولبهار، وتوفّى عن عمرٍ يُناهز الثلاثة والخمسين عاماً.
النشأة
كانت عادة السلاطين العثمانيين أنهم يرسلون الأولاد الذّكور إلى الولايات القريبة التّابعة لهم، وهذا ما حصل مع محمّد الفاتح الذي أرسله أبوه إلى ولاية أماسيا عندما بلغ أحدَ عشرَ ربيعاً ليستلم الحكم عليها، ويكتسب بعض الخبرة ليتمكّن من حكم الدّولة العثمانيّة عندما يكبر.
كان السّطان كثير اللّعب ولا يستمع لتعليمات وإرشادات الأساتذة الذي قام والده بتعيينهم له، ولم يُتمم حفظ القرآن وهو أمرٌ لم يكن مسموحاً في العهد العثماني، فمن شروط تسلّم الحكم يجب أن يكونَ دارساً وحافظاً للقرآن الكريم، فما كان من أبيه إلّا أن بعث أستاذاً جليلاً لتعليم ابنه، وسلّمه عصا ليضرب ابنه إذا خالف أوامره، فلمّا وصل الأستاذ إلى القصر وأخبر الأمير بأنّ أباه أعطاهُ هذه العصا لضربه في حال لم يسمع كلامه أخذ الأخير بالضّحك، فقام الأستاذ وضربه بشدّة مما سبّب الخوف للأمير وحفظ القرآن في فترةٍ وجيزة.
وكان هذا الأستاذ هو أحمد بن إسماعيل الكوراني، والذي تأثّر به السّلطان تأثراً كبيراً، وكان يستمع إلى نصائحه وإرشادته في كافّة نواحي الحياة، وأصح مُسلماً ملتزماً ومطبقاً لشريعة اللّه بسبب التربية الإسلاميّة الصّحيحة التي كبُرَ عليها.
الحكم
عند وفاة الابن الأكبر للسلطان مراد الثاني حزن عليه حزناً شديداً، ولم يستطع من تأدية واجباته كسلطانٍ للدولةِ العثمانيّة، لذا قام بالتّنازل عن الحكم لابنه الأمير محمّد الذي كان يبلغ من العمر أربعة عشر ربيعاً، وذهب إلى منطقة أيدين ليعيش في خلوةٍ بعيداً عن الناس.
في هذه الأثناء أغار المجر على بلاد البلغار متجاهلين وغير مراعين للهدنة التي أبرمت بينهم وبين العثمانيين، مما دفع السّلطان محمد إلى الكتابة لأبيه، إمّا أن يعود ويتربّع على عرش السلطنة مجدداً، أو أن يقود الجيش في المعركة ضدّ المجر، فقام السلطان المعتزل بتلبية أمر السّلطان وقاد الجيش العثماني، وحقق النّصر في معركة فارنا التي تحالف فيها الأوروبيون ضد السلطنة العثمانيّة، وكانت من بين التي شاركت المجر، وألمانيا، وفرنسا، والبندقيّة، ثمّ عاد السّلطان مراد الثاني للحكم بعد التعرض للكثير من الضّغوط التي تلح عليه بالعودة.
عاد الأمير محمد إلى ولاية مانيسا إلى أن توفّى والده، ثمّ تسلّم الحكم مرّةً أُخرى، وأخذ يستعد للفتح ما بقي من البلاد لكي تكون أملاكه كلّها متصلة، فقام بالإهتمام بتزويد الجّنود بكلّ متطلّباتهم وتدريبهم كافّة أنواع الفنون القتال، وجهّز الجيش بكافة أنواع السّلاح، وأولى اهتماماً كبيراً في تزويد الجيش بالقوّة البشريّة، إذ وصل تعداده قرابة الربع مليون جندي.
وفي يوم الثّلاثاء الموافق التاسع والعشرين من شهر أيّار من عالم ألف وأربعمئةٍ وثلاثة وخمسين تحقق حلم السّلطان محمد بفتح القسطنطينيّة، فقام بالعفو عن كلّ الناجين من المسيحيين الموجودين فيها، وأمر بالأذان في كنيسة آيا صوفيا إعلاناً بتحويلها إلى مسجد، وقام بنقل العاصمة العثمانيّة إليها، وسمّاها بـ إسلامبول أي مدينة الإسلام، واستمر بالفتوحات والمعارك إلى أن وافاه الأجل في الثالث من أيّار من عام ألفٍ وأربعمئةٍ وواحدٍ وثمانين جرّاء السّم الذي دسّه له طبيبه الخاص الإيطاليُّ الأصل.