محمد الفاتح
هو السلطان العثماني محمد الثاني، ويلقّب بمحمد الفاتح، وأبو الفتوح، وأبو الخيرات؛ لأنّه فتح القسطنطينيّة عاصمة الدولة البيزنطيّة، ولّاه والده السلطان مراد الثاني على ولاية أماسيا، وهي احدى المحافظات التركيّة اليوم، عندما بلغ الحادية عشر، فبدأ عمله كسلطان، واهتمّ والده بتعليمه أصول الدين، فأبى الامتثال للمعلمين، حتّى أرسل له معلِّماً شديداً، وأمره بضربه إن لم يمتثل لأوامره، وهذا ما حدث بالفعل فقد قام الكوراني معلم السلطان محمد الفاتح بضربه ضرباً مبرِّحاً، وبعدها حفظ السلطان الصغير القرآن في وقتٍ قصير.
عايش محمد الفاتح الصراع الدائم بين المسلمين، والدولة البيزنطيّة، ومحاولات المسلمين المتكررة لفتحها، فوضع فتحها نصب عينيّه، وقد تنازل له والده بالحكم في عام ألفٍ وأربعمئة وأربعٍ وأربعين ميلاديّة، وذلك إثر وفاة الابن الأكبر له، إلّا أنّ محمد الفاتح طالب والده بالعودة لقيادة الجيش ضد المجر، ولكنّه رفض وأمره بقيادة الجيش بنفسه، فقاد محمد الفاتح الجيش، وحقّق نصراً حاسماً في معركة فارنا في العام نفسه من تولّيه الحكم.
فتح القسطنطينيّة
أعدّ السلطان محمد الفاتح الجيش الإسلامي ووضع أمامه هدف فتح القسطنطينيّة، فعزّز الجيوش بأعداد كبيرة، ووصل جيشه إلى ربع مليون جندي، وهذا عدد هائل آنذاك، كما عمل على تدريبهم على القتال باستخدام أنواع مختلفة من الأسلحة، وغرس في أنفسهم حبّ الجهاد في سبيل الله، وذكّرهم بثناء النبي -عليه الصلاة والسّلام- على الجيش الذي سيفتح القسطنطينيّة في قوله: (لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ)، فكان لذلك أثر كبير على عزائم الجيش ومعنوياتهم.
قبل أن ينطلق لفتح القسطنطينيّة، بنى قلعة في أضيق نقطة من مضيق البسفور على الجانب الأوروبي في الجهة المقابلة لقلعة بايزيد في الجانب الآسيوي، وبذلك يصبح المضيق تحت سيطرة المسلمين، ولا يمكن لأيّة سفينة المرور إلى القسطنطينيّة دون إذنهم، وبهذا أمّن هذا الجانب، بأنه من غير الممكن أن تصل القسطنطينيّة الإمدادات من الممالك الشرقيّة الموالية لها، كما عمل على توفير المدافع القويّة، وأحضر مهندساً مجريّاً عرف بمهارته في تصميم المدافع، وعزّز قوة الأسطول البحري، وبذلك أصبح الجيش جاهزاً للفتح العظيم.
حاصر الجيش مدينة القسطنطينيّة براً وبحراً مدة ثلاثةٍ وخمسين يوماً، وفي يوم التاسع والعشرين من أيّار لعام ألفٍ وأربعمئةٍ وثلاثة وخمسين، دخلها المسلمون بقيادة السلطان محمد الفاتح، الذي أعطى أهلها الأمان، وألزمهم بدفع الجزية، كما أنّه ترك لهم نصف كنائس المدينة، وحوّل نصفها الآخر لمساجد للمسملين، ومن أبرزها كنيسة آيا صوفيا التي حوّلت لمسجد، ولكنها الآن تعدّ متحفاً تاريخيّاً، وجعلها عاصمة للدولة الإسلاميّة وسمّيت إسلامبول، وتعرف اليوم بإسطنبول.