الوقت
الوقت مخلوق عظيم من مخلوقات الله تعالى، حيث جعله الله تعالى إطاراً لحياتنا، فالوقت يجري علينا وهو الذي يحددنا ويحدد بدايتنا ونهايتنا وهو الذي يعطينا هويتنا، ومعرفتنا، فهو كل شيء بالنسبة لنا، وهو أعظم ثروة نمتلكها، فالكل خاضع لقوانين الوقت إلا الله عز وجل، وأهم قانون من قوانين الوقت التي امتاز بها، أن الوقت الذي ينقضي لن يعود نهائيا، ولا يُبقي لنا منه شيئاً إلا الذكرى والأثر فقط، اللذان يمكن لنا إن أحسنا استغلالهما أن نفعل شيئاً لمستقبلنا، فالذكرى هي ما تربطنا بماضينا وهي ليست شيئاً محسوساً بل هي محفوظة في عقولنا، ويمكن لنا إن استرجعناها أن نعيد إلى أذهاننا مرة أخرى أحداث الماضي وبالتالي فإنه يمكننا أن نحاول تحسين المستقبل. والناجح هو من يكون معنياً بالمستقبل عن طريق الاستفادة من الماضي، أما من يكون معنياً بالماضي ومهملاً للمستقبل فهو قطعاً إنسان فاشل، فعلم التاريخ من العلوم الهامة، حيث يشكل صلة الوصل بيننا وبين ماضينا ويعطينا العبرة مما سبق حتى نحسن حياتنا المستقبلية، أما إن كان الماضي سيكون هو سبب فرقتنا ولن يجلب إلا الوبال علينا – عندما لا نحسن استغلاله واستثماره فقط يكون كذلك – فتركه أفضل، لهذا ومن هنا فإن جل تفكيرنا ينبغي أن يكون في مستقبلنا لا في ماضينا ولنحسن استغلال أوقاتنا بشكل جيد حتى تنمو روحنا وتعظم الروح البشرية مجتمعة مما سيعمل على رقينا وانطلاقنا في هذا الكون الرحب الواسع الشاسع الذي نحتاج إلى استكشافه بكافة أسراره وتفاصيله، حتى نعلم من نحن ولماذا خلقنا الله تعالى ولماذا أوجدنا.
كيف تستغل وقتك
من احسن وأفضل الطرق ووسائل التي يمكن لنا بها أن نستغل أوقاتنا لإيجاد حياة احسن وأفضل وأرقى لنا وللآخرين ما يلي:
القراءة
القراءة هي وسيلة معرفة حصيلة الفكر الذي كان يتواجد يوماً ما في عقل شخص معين، وهي وسيلة تناقل المعرفة بامتياز إذ لا يمكن الاستغناء عن الكتب في اى وقت وفي اى زمان، مع أنه قد تطرأ تغييرات وتعديلات على هذه الكتب حيث أنها قد تكون – كتعرف ما هو حاصل اليوم – كتباً ورقية أم كتباً إليكترونية، فمهما اختلف الشكل يبقى الجوهر واحداً لا أدنى شك. الإنسان القارئ قطعاً هو شخص يمتلك قدرات أكثر بكثير من الشخص العادي، فقد يكون أكثر ذكاءً وأكثر مهارة في العديد من الأمور والمجالات، وهذا مما لا شك فيه لأن القارئ يعلم معارف وعلوماً ومعلومات أكثر من غيره الجاهل فالقارئ هو إنسان قد احتك عن طريق الكتب بالعديد من الناس وتعلم أفكارهم وعرف ما يدور في رؤوسهم، وهو إنسان قادر على عقد المقارنات بين مختلف الاتجاهات الفكرية والآراء، ولا يبيع عقله بسهولة، بالإضافة إلى ذلك فهو أكثر قدرة من الشخص الجاهل على حل المشاكل وعيوب ومواجهة الصعاب التي تعترض طريق حياته.
وحتى يكون الإنسان قارئاً يتوجب عليه أن يكون منفتحاً قابلاً لتقبل الآراء المختلفة واحترام من نسبت إليهم مهما اختلفت عن الرأي السائد، وذلك لسبب بسيط حتى يستطيع هذا الشخص أن يلتهم أكبر عدد من الكتب التهاماً. كما لا يجب أن تكون القراءة في مجال واحد فقط كمجال الروايات الأدبية أو الشعر أو القصص الصغيرة، إذ يتوجب أن تكون الكتب المقروءة ذات مجالات مختلفة ومتنوعة حتى يستفيد القارئ بأكبر قدر ممكن من قراءته هذه. ومن أبرز المجالات التي ينبغي على جميع الناس أن يقرؤوا فيها التاريخ والسياسية والعلوم والفلسفة والدين واللغات والأدب وغير ذلك من المجالات، حيث أن القراءة في هذه المجالات تكسب الإنسان ثقافة واسعة أكثر مما يعتقد أو يتصور هذا الإنسان.
مشاهدة الأفلام
الأفلام والسينتعرف على ما هى من احسن وأفضل الوسائل الحديثة التي يمكن بها الاطلاع على الأفكار ووجهات النظر، وهي عادة ما تحتوي على وجهات نظر غريبة، إذ ينظر رواد هذا الفن من خارج الصندوق، فالأفلام والسينما تكسبان هذه المزية للإنسان المتابع لها، ولا عجب نهائياً إن كانت الأفلام بهذا الانتشار الواسع بين الناس، مع العلم أنه ليس انتشاراً كما ينبغي، فغالبية من يتابعون الأفلام يتابعونها فقط للتسلية وهم يتابعون فئات معينة فقط من الأفلام التي يتم صنعها كأفلام الحركة أو الأفلام الكوميدية، وهذه النوعيات من الأفلام لا شك أنها تكون ذات قيمة إن كان متمحورة حول رسالة معينة يريد صناع الفيلم إيصالها للمشاهد، فالرسالة السينمائية يتوجب أن يتم إيصالها بطريقة مسلية وممتعة، حتى يضمنوا تفاعل الناس معها، فالفيلم يمكن تشبيهه بالتنويم المغناطيسي، فالطبيب النفسي ينوم المريض تنويماً مغناطيسياً ليبث في عقله الأفكار التي يريدها وهكذا الأفلام.
أما الأفلام التي تحتوي على أسطورة الرجل الذي لا يهزم أو الأفلام التي تهدف فقط إلى إضحاك الناس واستخفاف عقولهم فلا يجب أن يتم التركيز عليها لأنها تعمل وتساعد على اضمحلال العقل. السينما أيضاً هي تجميع لكافة أنواع الفنون الأخرى وليست فقط وسيلة لنقل الأفكار بل هي بذلك تكون وسيلة لنقل الإبداع من شخص إلى الآخرين، فمن يشاهد السينما يشاهد إبداعاً فنياً في كافة النواحي: المؤثرات البصرية والموسيقى والتمثيل واستخدام الكاميرا والكتابة وغير ذلك من أمور، فمتذوقو الفن السابع يهتمون بكل هذه التفاصيل ولا يهتمون فقط بكون الفيلم مضحكاً أم ذو قصة جميلة أم لا. ومن هنا كان من الضروري متابعة الأفلام بشكل مستمر ومن كافة المدارس السينمائية وباستمرار.
سماع الموسيقى
لا بد أن الجميع قد سمعوا بمقولة مفادها أن الموسيقى هي لغة العالم، فهذه العبارة لم تأت من الفراغ، فمن قالها ليس هاوياً أو طامعاً في الشهرة، فهي قطعاً عبارة لها معناها وقيمتها. الموسيقى هي التي تدخل كافة قلوب وعقول البشر دون استئذان، ومن أنكرها فهو منكر للفطرة البشرية، فالفطرة البشرية بطبعها تهوى الموسيقى وتحب السماع، فالموسيقى هي وسيلة حفظ المشاعر والأحاسيس وهي الوسيلة التي تنقلها إلى شخص آخر، فالموسيقى كالكلمة، فإذا كانت الكلمة تنقل الفكرة فالموسيقى تنقل الإحساس، فعند سماعنا لمقطوعة موسيقية فإننا بالقطع نكون قد أدخلنا إلى قلوبنا المشاعر التي اختلجت في قلب مؤلف هذه المقطوعة. ومن هنا فالموسيقى ضرورة من ضروريات الحياة وهي علم قائم بذاته، ولا يمكن ولا يُتصور أن يستغني الإنسان عنها، فهي وسيلة تهدئة الأعصاب وهي الوسيلة التي لها يمكن لروح الإنسان أن تنمو وتتسع وتصبح قادرة على إدراك ما لا يمكن لأي إنسان عادي إدراكه.
أمور أخرى
هناك العديد من الأمور الأخرى غير الأمور الثلاثة السابقة يمكن للإنسان أن يملأ بها وقته، كأن يتصفح الإنترنت ويشاهد مقاطع الفيديو التي تحتوي على المعلومات الجديدة، بالإضافة إلى ذلك فيمكن أن قرأ الإنسان ما يتم تداوله وبشكل واسع بين الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي وما توفره من صفحات قيمة وجميلة، كما ويمكن لمن يعاني من كثرة وقت فراغه أن يمارس هواياته التي يحبها ويرتاح إليها وهذه الهوايات هي متنوعة ومتفاوتة بين شخص وشخص آخر، فليس كل الناس لهم نفس الهواية بل إن كل شخص له هواية أخرى تختلف عن هواية الشخص الآخر فالهواية تستطيع أن تملأ وقت الفراغ وبشكل إيجابي وجميل ومفيد جداً.