بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله. وبعد،
جاء الزُّلال في اللغة بمعانٍ عدة، حيث يقول ابن منظور صاحب معجم لسان العرب: « زَلَّ يَزِلُّ زَليلًا وزُلُولًا، إذا مَرَّ مَرًّا سريعًا...، وزَلَّ الماءُ في حلقه، يَزِلُّ زُلولًا: ذَهَب. وماءٌ زُلالٌ وزَلِيلٌ: سريع النزول والمَرِّ في الحلق. وماءٌ زُلالٌ: بارد، وقيل: ماءٌ زلالٌ وزُلازِلٌ عَذْبٌ، وقيل: صافٍ خالص، وقيل: الزُّلال الصافي من كل شيء. »
فكلمة الزُّلال في اللغة تأتي عمومًا بمعنى الشيء العَذْب والصافي، في الغالب تستخدم هذه الكلمة لوصف الماء، وبيان عذوبته وصفائه، وقد تأتي في وصف الماء البارد، كما قد تأتي في وصف الماء الذي يمر مرورًا سريعًا في الحلق.
وقد خرجت كلمة الزلال في بعض الاصطلاحات عن المعنى اللغوي، ففي علم الكيمياء يوصف الزلال: بأنه عبارة عن مادة بروتينية لزجة شفافة اللون، وإذا تجمدت يصبح لونها أبيضًا. وتتكون هذه المادة من البروتينات والماء، وفيها نسبة عالية من الكبريت، كما تحتوي على عناصر معدنية أخرى.
وقد استخدمت كلمة الزلال أيضًا في تسمية بياض البيض، فبياض البيض يسمى بـ (الزلال)، ويسمى أيضًا بـ (الآح)!، بينما يسمى صفار البيض بـ (المُح)، أو (الماح). ويبدو أن السبب في تسمية بياض البيض بـ (الزلال) يرجع لوجود كمية كبيرة من البروتينات فيه. وعلى هذا، يمكن أن نقول بأن أي شيء يحتوي على نسبة عالية من البروتينات تفوق كل المواد والعناصر الأخرى الموجودة فيه، يصح أن يسمى زلالًا.
وقد سُمِّيَ أحد الأمراض بـ (مرض الزلال)، أو (مرض زلال البول)، وقد سمي هذا المرض بهذا الاسم لأنه ينشأ بسبب زيادة كمية البروتين في البول، فالكمية الطبيعية للبروتين في البول لا تتجاوز 150 ملجرام، أما إذا تجاوزت هذه الكمية عند شخصٍ ما ذلك الحد، يكون مصابًا بما يعرف بـ (زلال البول).
ومن أعراض زلال البول: نقصان كمية البروتين في الدم، وتورم وانتفاخ في بعض أنحاء الجسم، كالوجة والأرجل.
ومن الخبراء من يقول بأن الزلال ليس مرضًا بحد ذاته، وإنتعرف ما هو ناجم عن أمراض أخرى، أي أنه أحد الأعراض التي تصيب الشخص بسبب إصابته ببعض الأمراض، كأمراض الكلى، ومرض السكري، ومرض ارتفاع ضغط الدم، وأمراض الكبد الفيروسية. كما قد ينجم الزلال بسبب تناول بعض الأدوية، كالأدوية التي تستخدم في علاج و دواء الروماتيزم. وهذا الزلال الناجم عن الأمراض التي سبق ذكرها يكون في العادة مُزْمِنًا؛ أي أنه يستمر ويدوم لفترة طويلة.
وقد يُصاب الشخص بزلال حاد وغير مزمن؛ أي أنه مؤقت ولا يستمر لفترة طويلة، كالزلال الذي ينجم بسبب ممارسة بعض التمارين الرياضية، أو بسبب ارتفاع درجة الحرارة.
