تعتبر التجمعات الثقافية وسيلة هامة لمشاركة الأفكار والآراء والمواقف، بشكلٍ يثري المعلومات، ويغني ثقافة الشخص ويصقل شخصيته عن طريق استخدام أسلوبيِّ الحوار والعصف الذهني.
من أشكال هذه التجمعات ما يعرف بالندوة، فالندوة هي الحلقة النِّقاشية بين عدد من المهتمين بمجال معين، لتبادل الخبرات والثقافات والمعلومات.
للندوة أشكالٌ متعددة، فقد تكون الندوة بطريقة طرح الأسئلة على المختصين وتلقي الأجوبة، وهناك أيضاً الندوة التي يقوم فيها كل مختص بطرح آخر ما توصل إليه من أبحاثٍ ومعلومات، و أخيراً هناك الندوة التي يلقيها مختص على مجموعة من الحضور لتثقيفهم وزيادة معلوماتهم .
من أهمِّ مقوِّمات الندوة وأساسياتها، اعتمادها على مبدأي النقاش والحوار، فالنقاش يكون باتفاق المتحدثين على نقطة معينة فيحاول كلُّ منهم إضافة جزءٍ جديد من المعلومات والأفكار إثراءً للفكرة المطروحة. أما في الحوار فيدور الحديث بشكلٍ أساسيٍّ حول حلِّ مشكلةٍ معينة والتوصل إلى اتفاقٍ عام بين المتحاورين.
للحوار آدابُ حتى يبقى المتحدثون في نطاق الحوار، فمن أهم هذه الآداب معرفة المتحاورين وإلمامهم بالفكرة المطروحة للحوار، وأن يكونوا قادرين على التعبير بلغةٍ واضحةٍ ومفهومةٍ وبتسلسلٍ علميٍّ مدروسٍ للأفكار حتى لا يحصل التشويش والإرباك، كما أنَّه يجدر بالمتحاورين الابتعاد عن التعصب للفكرة وامتلاكهم القدرة للاعتذار عن الخطأ وتراجعهم عنه بحيث يكون الدافع الأساسي لهم هو الوصول إلى نقطة اتفاق يشترك فيها الجميع.
للندوة خمسة عناصر أساسية ألا وهي مدير الندوة والموضوع المطروح للنقاش والجمهور وأعضاء الندوة المشاركون فيها من مختصين ومهتمين وباحثين في الموضوع، وأخيراً الحوار.
فمدير الندوة يكون متميزاً في حالة معرفته التامة بموضوع الندوة وإحاطته بها من كافة جوانبها، جنباً إلى جنب مع طريقة إدارته للندوة واحترامه للمشاركين والجمهور، أما اعضاء الندوة فكلما ازدادوا اخلاقاً واحتراماً لبعضهم البعض نجحت الندوة، وكلما كانوا أغزر علماً وثقافةً ومعرفةً ازداد تميٌّز الندوة. أما بالنسبة لموضوع الندوة فهناك مواضيع تهم العامة كالمواضيع الدينية والسياسية و التثقيفية وغيرها، وهناك مواضيع تهم فئة محددة من الناس كالمواضيع العلمية البحتة ( الطبية والهندسية والاقتصادية .... إلخ).
ولا بد في النهاية من إعادة التذكير بالأخلاق والاحترام فهذان الركنان هما عماد الندوة التي من دونهما حتما سيكون مصيرها الفشل، فبالأخلاق يستمع و يحترم الجميع آراء الجميع، مما يوفر سلاسةً في نقل المعلومات والأفكار، وبالأخلاق أيضا تزداد المحبة بين الناس ويزداد التفاعل بين الأعضاء. فالعلم بلا أخلاق لا يفيد بل قد يزيد الأوضاع سوءاً نظراً لما قد يبدر من العالم اللاأخلاقي من تسخيرٍ لعلمه في المجالات الضارة غير النافعة.