أيام السنة كثيرة، والأعياد والمناسبات المختلفة متنوعة أيضاً، فمنها الأعياد والأيام المرتبطة بالمناسبات الدينية سواء في الإسلام، أو في المسيحية، أو حتى اليهودية. وكذلك فإن بعض الشعوب خصّصت أياماً للاحتفالات وطقوس مختلفة، كيوم الأم، أو يوم الحب، أو عيد الأرض، أو أعياد الاستقلال، أو عيد العمال، وغيرها أيام كثيرة. ومن هذه الأيّام أيضاَ "كذبة نيسان"، فتعرف ما هو أصل الاحتفال بهذا اليوم، وماذا نعني بكذبة نيسان، وما حكم احتفال المسلم بهذا اليوم، هذا ما سنجيب عنه في مقالنا هذا.
إنّ كذبة نيسان هو يوم مرتبط باليوم الأول من شهر نيسان في كل سنة من التقويم الميلاديّ، وهو لا يعتبر عيداً رسيمياً أو حتى قومياً، إنّما أصبح يوم يحتفل به الناس أو يطبقون تقاليده كيوم مميّز لا أكثر، وفي هذا اليوم يكذب الناس على بعضهم على سبيل المزاح والمداعبة. هذا التقليد السنويّ الذي أصبح الناس يحتفلون به دون أن يدركوا أو يعوا تعرف ما هو أصل هذه البدعة الخرافية، تعرف ما هو سوى تقليد أوروبيّ غربيّ أساسه الكذب على الناس في سبيل المزاح ومداعبة الآخرين.
أمّا أصل هذا اليوم فإنّ بعض الأبحاث ذكرت أنّ أصله فرنسيّ، وهذه العادة بدورها بدأت بعدما قرّر الأمير "شارل التاسع" في عام ألف وخمسمائة وأربعة وستين أن تبدأ دولة فرنسا باعتماد تقويم كان يبدأ في الواحد والعشرين من شهر آذار حتّى الأول من شهر نيسان، وفي هذا اليوم يتبادل الناس الهدايا على أنّه اليوم الأول من السنة "رأس السنة"، وفي هذه السنة قرّر الأمير أن يصبح الاحتفال برأس السنة في اليوم الأول من شهر كانون الثاني ( يناير )، وتبعاً لذلك فإنّ بعض الناس كانوا حينها لا يزالون يحتلفون برأس السنة في اليوم الأول من نيسان، وحينها أطلق عليهم لقب ( ضحايا نيسان أو أبريل )، وأصبحت عادة فرنسية المزاح مع الآخرين في هذا اليوم لهذا السبب، ومن ثم انتشرت هذه العادة إلى غيرها من البلدان المجاورة، وكانت قد انتشرت بين كثير من الناس في انجلترا واسكتلندا.
بينما يرى باحثون آخرون أن أصل العادة في هذا اليوم يعود إلى ( عيد الهولي ) لدى الهندوس في الهند، فقد كانوا يقومون بعمل مهمات كاذبة في هذا اليوم ويكشفون الحقيقة في نهايته. بينما هناك أبحاث أخرى ترى أن أصل الكذبة في هذا اليوم يعود بأنّ هذا اليوم كان مخصّصاً في القرون الوسطى للشفاعة لدى المجانين، حيث يُطلق سراحهم ويشيعون في الأرض، وبغض النظر على الروايات المختلفة لأصل هذا اليوم فإنه قد انتشر الاحتفال بطقوسه في القرن التاسع عشر وما بعده.
أما حكم الإسلام بالكذب في هذا اليوم - حتى لو سبيل المداعبة والمزاح - فإنّه حرام ولا يجوز، فالكذب في الإسلام محرّم ولا يجوز إلا في الحالات الثلاثة التي شرعها الإسلام، والتي تهدف لغايات نبيلة، فيما عدا ذلك فإنّ الكذب حرام، فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- : "عليكم بالصدق فإنّ الصدق يهدي إلى البر وإنّ البرّ يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإيّاكم والكذب فإنّ الكذب يهدي إلى الفجور وإنّ الفجور يهدي إلى النار وما يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذّاباً".