إن تعريف ومعنى الجفر لغةً هو مولود الشاة حينما يكبر ويصبح لديه كرشا، لذلك فمن الراجح أن يكون اسم علم الجفر قد جاء منسوباً إلى ابن الشاة هذا سيما وأن هذا العلم كان يكتب على جلده، وعلم الجفر اصطلاحاً هو ذلك العلم الذي يدرس علاقة الحروف واستدلالاتها في استقراء أحداثٍ سوف تحدث في المستقبل.
تباينت الأقوال في تبيان ماهية الجفر، ولكن معظم الأقوال إن لم يكن كلّها قد استفرد فيها أصحاب المذهب الاثني عشري من الشيعة، وحتى أقوالهم فيه قد جاءت متباينة، فمن قائل منهم وينسبه إلى الرسول عليه الصلاة والسلام،وانه هو كاتبه وواضع كل الأقسام المذكورة فيه، وأن معلوماته عبارة عن نبوءات وأحداث ستحدث في المستقبل قد كشف الله له الغطاء عنها بأمر منه وبمشيئته، وأنه كتاب قد أملاه وسرده الرسول الكريم على سيّدنا علي ابن أبي طالب وفيه علوم الأولين وما سوف يكون إلى يوم الدين، وجاء في أدبيات أصحاب المذهب العشري أن أئمة الشيعة الاثني عشرة يتوارثونه فيما بينهم ولا يُطلعون على محتوياته أحداً سواهم، لأنه وحسب معتقدهم أن هذا الكتاب لم يطّلع عليه ولن يطّلع إلّا من كان نبياً أو وصياً لنبي.
كما ورد عنهم – أي الشيعة الاثني عشرية – أن هناك كتابان من الجفر، أولهما يسمى كتاب الجفر الأبيض وهو التوراة الصحيحة التي نزلت على سيّدنا موسى عليه السلام، والثاني هو كتاب الجفر الأحمر أو ما يسمى بمصحف فاطمة والذي يحتوي حسب زعمهم تبياناً وذكراً لجميع الحوادث والأحداث التي ستحدث وستكون ومن سيولدون حتى يوم قيام الساعة ومن بعدها القيامة، وفيه أيضاً تبياناً لجميع ما يفيد المسلمين من أمور دينهم ودنياهم المختلفة، وقد أوردوا بهذا الصدد كلاماً نسبوه إلى الإمام الصادق عليه السلام يفسر فيه ويشرح عن المقصود بكتاب الجفر كلاماً جاء فيه بأن محتوياته عبارة عن وعاء من أديم الأرض يحتوي جميع علم النبيين والعلماء من بني إسرائيل.
وقد ورد في كتاب الكافي وهو الكتاب المعتبر والمرجع الأول لدى الشيعة الاثني عشرية أقوالاً وأحاديث جمة وكثيرة حول كتاب الجفر الذي ورد فيه أن الأئمة قد أخبروا عن أربعة تفسيرات حول الجفر، أولها هو كتاب الجفر السالف ذكره، أما الثلاثة الأخرى فتعرف على ما هى إلّا مخازن وأوعية لمعلومات روحية قيمة، وورد في كتاب الكافي الزعم بالقول منسوباً إلى أبي الحسن عليه السلام قوله بما معناه: أن ابنه الأكبر علي، يشاركه النظر في الجفر الذي لا يطّلع عليه إلّا الأنبياء أو أوصياؤهم.