ظلم البشر لبعضهم البعض ليس له حدود، فالقوي يأكل الضعيف وينهبه ويستغله ويستعبده ويذله، كل ذلك إرضاءً للغرائز الحيوانية الهمجية الموجودة في داخله فالنفس إن لم تكبح وتوضع عند حدها تسيطر على الإنسان وتقوده إلى الهلاك، ليس هلاكه هو بل هو وكل من حوله، لذلك فالبشر هم أعداء أنفسهم، وكم عانت البشرية والعالم من الويلات والنكبات جراء هذه التصرفات الوحشية، فهذه القارة السمراء القارة الإفريقية، في وضع مأساوي، حالها يرثى له، مع العلم أنها من أغنى القارات بالخيرات والموارد الطبيعية، ولكن تسلط المتجبرين عليها من الجنسيات الأخرى، جعل سكانها يموتون من الجوع هذا عدا عن استخدامهم كعبيد عند الأسياد واغتصاب نسائهم وأطفالهم في معاناة بشرية لا نظير لها، كما أن اضطهاد السكان بسبب اللون على اعتبار أنهم أقل مستوى من غيرهم البيض قلل من قيمتهم، فاليوم تعاني هذه القارة العظيمة من الموت بسبب الجوع ونقص الموارد، والغريب في الموضوع هو أن من سرقوهم يتصدقون عليهم بأرخص الأشياء، حتى أصبح الأفارقة مقتنعين بأن مشاكلهم لا حل لها.
كل هذا بسبب ثقافة الاستعمار التي كانت سائدة في القديم، فالدول التي تملك القوة تتسلط على الدول الضعيفة قتذل شعوبها وتقمعهم وتهينهم وتسرق مواردهم وتستعبدهم وتقتلهم بلا أدنى رحمة أو إنسانية، فالغطرسة البشرية لا حدود لها. وفي المقابل لم تستطع الشعوب الحرة السكوت على ما يتعرضون له من ظلم وعدوان بسبب لا شئ، فقاوموا هذا الاستعمار وتخلصوا منه بعدة طرق ووسائل ووسائل منها المسلحة ومنها السلمية، وناضلوا وعذبوا وسجنوا وذبحوا لينالوا حريتهم ويحموا أوطانهم في ممارسة لحق مشروع لا يستطيع أحد فيه ذرة عقل أن ينكره عليهم، فحق مقاومة المحتل هو حق مكفول في القوانين النافذة والناظمة لحياة البشر، لأن المحتل هو مغتصب لحق ليس له، وهو بلا شك لا يملك أي إنسانية، فهو على استعداد تام بأن يتسلق على أكتاف جميع المقهورين في العالم لأجل تحقيق أطماعه ومآربه وغاياته. ولا سبيل لأي ثورة على الظلم والاحتلال إلا النصر في النهاية، فنهاية احتلال بلد معين لبلد آخر يسمى بالاستقلال بسبب استقلاله بحق تقرير مصيره وإرادته السياسية والاقتصادية، فيصبح متحرراً من أية قيود تفرضها عليه الدولة المحتلة ويصبح قادراً على إدارة نفسه بنفسه وحكم نفسه بالطريقة التي يرتضيها، وقبل خروج المستعمر من الأراضي للإعلان عن إنهاء الاحتلال يتم توقيع ما يعرف بوثيقة الاستقلال والتي تهدف إلى الإعلان عن نهاية الاحتلال وبدء حقبة جديدة من عمر هذه الدولة.