المحاماة
تعتبر مهنة المحاماة من أسمى المهن في الحياة، لأنّ المحامي يقف أمام هيئة المحكمة للدفاع عن موكله، ضد الظلم الذي وقع عليه من الطرف الآخر، كما يُطلق على مهنة المحاماة اسم:(القضاء الواقف) ذلك أنّ مهنة المحاماة مثلها مثل القضاء، وظيفتها إظهار الحقيقة، وليس الدفاع عن الموكل حتى لو كان ظالماً.
إنّ مهنة المحاماة ليست مهنة مجرّدة من الأحاسيس، بل هناك أخلاقيات المهنة، والتي يجب أن يتحلّى بها المحامي، ولا يتعامل مع هذه المهنة بشكل ربحيّ، بل عليه أن يتحرى العدالة، والصدق، والأمانة، وأن يراعي حقوق الناس، ولا يظلم أحد، ولكن كيف يصبح الشخص محامياً
كيف تصبح محامياً
المحاماة هي تخصص أكاديمي، مثلها مثل أي مهنة أكاديمية في هذه الحياة، فهي مثل مهنة الطب، والهندسة، والصيدلة، وغيرها، لذلك لابد وحتى يصبح الشخص محامي أن يمر بمرحلتين، وهما كالتالي:
- الالتحاق بكلية القانون: كما ذكرنا فإنّ المحاماة هي مهنة أكاديمية، بحيث يجب على الشخص الالتحاق بكلية القانون في الجامعة، حتى يحصل على شهادة بكالوريوس القانون، التي ستخوّله للعمل بمهنة المحاماة، وخلال الدراسة الجامعية، سيتعرّف الطالب على القوانين التي تحكم العلاقات وتنظمها في بلاده، وسيعرف طريقة نشوء القوانين، وطريقة إلغائها، ومن يقوم بتنفيذها، وسيعرف الفرق بين القانون الخاص الذي ينظّم العلاقات بين الأفراد، والقانون العام الذي ينظّم العلاقة بين الأفراد والدولة.
كما سيتعرف على القوانين التي تندرج عن هذين القسمين، مثل قانون العقوبات، وقانون الأصول الجزائية، والقانون المدني، وقانون الأصول المدنية، وقانون التجارة، وقانون الصناعة، وقانون الأحداث، وقانون مراكز الاصلاح والتأهيل، وقانون الأحوال الشخصية، وغيرها الكثير من القوانين التي يُعمل بها في بلده.
علماً بأن كل قانون من هذه القوانين هو عبارة عن كتاب يحوي على مواد وضعتها الدولة بشكل متسلسل، وأن دراسة القانون لا توجب حفظ هذه المواد بقدر ما توجب على الطالب فهمها، فدراسة القانون تتطلّب فهم المواد القانونية، ومعرفة المعنى المراد منها بشكل صحيح، حتى يستطيع المحامي مستقبلاً أن يصل إليها ويستند إليها بكل يسر وسهولة.
- إجازاة المحاماة: ليس كل من يتخرج من الجامعة ويحصل شهادة بكالوريوس القانون يمكنه مزاولة المحاماة، فشهادة القانون هي إحدى شروط مهنة المحاماة، وهناك شرط آخر يجب توفره حتى يتمكن الخريج من مزاولة هذه المهنة، والشرط هو إجازة المحاماة، ويستطيع الشخص الحصول على إجازة المحاماة من خلال الانتساب إلى نقابة المحامين في بلده، ثم ملازمته لأحد المحامين المجازين من ذوي الخبرة.
إذاً فبعد الحصول على المؤهل الأكاديمي (المرحلة النظرية)، ينتقل الخريج إلى المرحلة العملية، وهي مرحلة التدريب، بحيث يصبح محامياً متدرّباً، ويُلازم فيها المحامي الأستاذ خلال فترة سنتين أو أكثر وقد تكون أقل بحسب قانون كل دولة، وخلال فترة تدريب المحامي فإنه يتعرف على جميع المحاكم في بلاده ويتعرف على درجات المحاكم النظامية، بحيث يتدرج من محاكم الصلح ثم صعوداً إلى محاكم البداية ثم محاكم الاستئناف، ثم محكمة التمييز (النقض)، وغيرها من المحاكم الخاصة، التي تنشأ بقوانين خاصة، مثل محاكم الأحداث والمحاكم العسكرية.
قد يرافق هذا التدريب العملي، وامتحانات نظرية في النقابة، وبحث تخرّج، ولدى اجتياز المحامي المتدرّب لهذه الامتحانات، ومرور هاتين السنتين، سيحصل على إجازة المحاماة، ويأخذ لقب الأستذة، فيصبح أستاذاً محامياً قادر على مزاولة المهنة بشكل قانوني ورسمي.
في النهاية أقول: أنّ مهنة المحاماة بحاجة إلى صبر ومجالدة، فالمحامي يتعامل مع القضاة وموظفي المحاكم والناس بشكل يومي، وهذا يتطلب منه سعة صدر، وتحمّل، ورفق بالناس، فمعظم الناس يجهلون القانون، ويجب على المحامي أن لا يستغلّ هذا الأمر، بل أنّ من واجبه توعيتهم وإرشادهم إلى الطريق السلم.