الروح في الإسلام
جاءت الشريعة الإسلامية بكمال أحكامها وتمامها لتعالج كل شؤون حياة الإنسان ومظاهرها المختلفة، ومن بينها الجانب المادي والجانب الروحي، فالجانب المادي هو كل ما يتعلق بأمور المادة وتنطبق على كل ما في الحياة من شهوات ومتاع وزينه، أما الجانب الروحي فهو جانب يتعلق بروح الإنسان وما يتعلق بها من خفايا وغيبيات ومشاعر وأحاسيس وخوف وغبطة ورجاء وتوكل وحسن ظن وإيمان بالغيب وإيمان بالقدر خيره وشره والقناعة والرضا، فالجانب الروحي يتعلق بأمور غير ملموسة ماديا وإن كان الإنسان يستشعرها ويحس بها بروحه وقلبه.
ركزت الشريعة الإسلامية على الجانب الروحي لدى الإنسان من خلال التوجيهات الأخلاقية والإرشاد النبوي الذي يهدف إلى تهذيب النفس الإنسانية والإرتقاء بها، فالمسلم هو إنسان دائم الصلة بربه عز وجل ويحرص دائما على التقرب منه سبحانه بالعبادات والعمل الصالح فيزيد إيمانه فيعظم في نفسه الجانب الروحي ويغلب الجانب المادي، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام آثار يلمسها المسلم عندما يزيد إيمانه وترتقي روحه حيث تزداد بصيرته ففي الحديث اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله، والفراسة هي مظهر من مظاهر الرقي في روح الإنسان بحيث يصبح صاحب بصيرة ترى الأمور على حقائقها بدقة أكبر ووضوح أشد بفضل نقاء السريرة وسلامة القلب.
كيف تصبح روحانيا
الحقيقة أن الطريق إلى الروحانية لا تتأتى بمجرد الأماني وإنما تحتاج إلى جهد وعمل وإخلاص قلبي، وهناك عدد من الوسائل التي تساعد الإنسان على أن يصير روحانيا ومنها نذكر:
- أن يتقرب الإنسان إلى ربه عز وجل بالعبادات، فالعبادة بأشكالها المختلفة من قيام وصيام وصدقة ترتقي بروح الإنسان، وكلما زاد المسلم من اجتهاده في العبادة كلما زادت روحانياته وإيمانياته واقترب إلى الله عز وجل حتى يستشعر معية الله له وحفظه وتوفيقه في الأمور كلها .
- الحرص على صدق اللسان، فالصدق من أعظم القيم التي تعمل على تعزيز الجانب الروحي في الإنسان، ففي الحديث أصدقكم حديثا أصدقكم رؤيا، ولا شك بأن الرؤيا هي جانب مهم من جوانب حياة الإنسان الروحية حيث يرى الإنسان في منامه رؤى تتحقق على أرض الواقع، فكلما زاد صدق الإنسان وتحريه لذلك كلما زادت روحانياته وبالتالي زادت رؤاه الصادقة.
- التفكر في خلق السموات والأرض والنظر في الكون والآفاق، ولا شك بأن التأمل والنظر والتفكر في الحياة وكيف خلق الله هذا الكون بما فيه من آيات عظيمة تزيد من روحانيات الإنسان وتجعله منشغلا بتنمية جانبه الروحي بعيدا عن الماديات الفانية الزائلة.