الهموم
لا يعيش الإنسان في هذه الحياة أيامًا جميلة على الدّوام، بل تتخلّل أيّام عمر الإنسان أيامٌ تسبّب له الهمّ والحزن، و تبعث في نفسه القلق والغمّ، ولا شكّ في أنّ سبب ذلك يعود إلى الأحداث التي تجري، والظّروف التي تحصل في حياة الإنسان، وتسبّب له تلك الآثار النّفسيّة، ومن تلك الأحداث فقدان عزيز، أو خسارة مال، أو ابتلاء بالمرض، أو خوف من مستقبل الأيّام، وقد فسّر الإمام ابن قيّم الجوزيّة رحمه الله في كتابه الدّاء والدّواء الفرق بين الهمّ والحزن في حديث الرّسول عليه الصّلاة والسّلام، فالهمّ يكون على أمرٍ مستقبل بين يديّ الإنسان، أمّا الحزن فيكون على أمرٍ قد فات أو حصل، والحقيقة أنّ الإنسان على الدّوام يحرص على التّخلص من همومه؛ لأنّه يريد أن يعيش حياةً سعيدة لا تكدّر صفوها الأحزان والهموم والمشاكل، وإنّ هناك وسائل تعين الإنسان على التّخلص من همومه نذكر منها:
كيفيّة التّخلص منها
- الالتجاء إلى الله تعالى، فهذه الوسيلة هي من أرجى الوسائل وأنفع الأمور للتّخلص من هموم الإنسان، فالالتجاء إلى الله تعالى من خلال مناجاته سبحانه والصّلاة له تخلق في نفس الإنسان شعورًا ايجابيًّا واطمئنانًا عجيبًا، وقد كان عزاء سيّدنا يعقوب عليه السّلام حينما ابتعد عنه ولده الحبيب يوسف عليه السّلام أن يلتجأ إلى الله ويشكو بثّه وحزنه إليه، قال تعالى على لسان يعقوب: (إنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون )، كما أنّ قراءة القرآن الكريم، وذكره سبحانه يصنع الطّمأنينة في القلب، قال تعالى: (الذين آمنوا وتطمئنّ قلوبهم بذكر الله، ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب )، ومن وسائل الالتجاء إلى الله تعالى أن يستعيذ الإنسان من الهمّ والحزن، كما علّمنا رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، وإنّ الاستعاذة بالله صدقًا ويقينًا كفيلة بإزالة همّ الإنسان فالله وليّ ذلك والقادر عليه.
- أن يعلم الإنسان صاحب الهمّ أنّ ما من إنسان على وجه البسيطة خالٍ من شيء يكدّر حياته صغيرًا كان أم كبيرًا، فطبيعة الدّنيا التي نعيش فيها تتقلّب ما بين فرحة وحزن، وهمّ وفرج.
- أن يدرك صاحب الهمّ أنّ الله يرفع قدره، ويزيد حسناته بالصّبر على بلائه الذي يهمّه ويشغل باله، فقد بيّن النّبي عليه الصّلاة والسّلام أنّ كلّ ما يصيب المسلم يكفّر عن خطاياه حتّى الشّوكة التي تصيبه في طريقه.
- وأخيرًا على الإنسان صاحب الهمّ أن يشغل نفسه بالاختلاط بالنّاس ومعاشرتهم، وأن يحضر مجالس الصّالحين ويدنو منهم، فكم من صديقٍ أو رفيق أزال همّ صاحبه بكلماتٍ لم يلقِ لها بالاً، وإن كان لها في قلب صاحبه وقعًا ومقالًا.