من صفات الله سبحانه و تعالى أنه القوي العزيز ، فهو سبحانه له القوة جميعا ، فكل الكائنات ترجو ثوابه و تخشى عقابه ، و إن الأمم التى يخشى جانبها هي الأمم التي تأخذ بما هى اسباب القوة و المنعة ، فالأمة التي تتسلح بسلاح العلم والقوة تكون مرهوبة الجانب من أعدائها ، فلا يتطاول أحد عليها و لا يسلبها حقوقها ، و قد بين الله سبحانه في كتابه حال المؤمنين حين يقاتلون في سبيله صفا واحدا و شبههم بالبنيان المرصوص الذي لا يقدر أحد على اختراقه أو الولوج من بابه ، فالمسلمون كما في الحديث كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ، فالمسلمون كالحصن الحصين لا يتسلل إليهم الأعداء ، يركبون المخاطر في سبيل رفعة دينهم و أمتهم و الدفاع عنها ، و المسلمون مأمورون بالتكافل فيما بينهم و نصرة بعضهم ، فقد قال تعالى ( و ان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ) ، و قد فصل النبي مسألة النصرة في الحديث حيث قال ( أنصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قيل يا رسول الله ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما ، قال : أن تمنعه من الظلم ) ، فمنع الإنسان لأخيه من الظلم و العدوان هو أحد أشكال النصرة له بلا شك ، ذلك أنك تحميه من غضب الله عليه و عقوبته في الدنيا و الآخرة .
و شرع الله سبحانه و تعالى للمسلم إذا تعرض لعدوان أو أذى أن يدافع عن نفسه ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، قال تعالى ( و لمن انتصر من بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل ) ، و في الآية الأخرى ( ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ، و قد بين النبي صلى الله عليه و سلم أنه من مات دون نفسه أو ماله أو عرضه فهو شهيد ، ينال أجر الشهيد في الآخرة ، أما خلاف المسلمين فيما بينهم على أمور الدنيا و غيرها فلا يجوز بحال ، و إذا التقى المسلم و المسلم بسيفيهما فكلاهما في النار ، فالدفاع عن النفس يختلف اختلافا كبيرا عن التقاتل بين الناس على الدنيا و حظوظها