جزيرة الذهب
كثيرة هي الأسماء التي تطلق على المدن والقرى، والتي توهمنا بمضمون يأخذ بخيالنا إلى البعيد، نفاجأ حينما نغوص في معرفة حقيقتها بأن التسمية لا تمت للواقع بصلة، بل إنها على نقيض تام، وهذا حالنا مع جزيرة الذهب، والتي ربما نحسبها مليئة بمناجم الذهب أو تضم ثروات طبيعية باهظة، لنجدها تعاني الفقر بشتى أنواعه، إن كان طبيعيا أو حتى خدميا.
نبذة تاريخية عن الجزيرة
بالعودة إلى الجغرافي ياقوت الحموي فإنه يوثق موقعين حملا اسم جزيرة الذهب، أحدهما في كورة فوه والآخر في كورة الجيزة في مصر، بينما ذكر السلطان الغوري في كتابه الجامع لأوقافه في عصر انهيار دولة المماليك وبروز الدولة العثمانية أن جزيرة الذهب كانت مؤلفة من جزيرتين متوازيتين بالشكل والطول، تفصلهما قناة مائية إحداهما جزيرة الصابوني والأخرى جزيرة الذهب في وسط ساحلي نهر النيل الشرقي والغربي باتجاه منطقة الجيزة، واندمجت الجزيرتان في جزيرة واحدة في وقت لاحق كما حدث هذا مسبقا لأكثر الجزر المصرية، مثل جزيرة الزمالك التي تكونت من اندماج جزيرتي حليمة وأروى.
موقع الجزيرة ومساحتها
تقع جزيرة الذهب في القارة الأفريقية، وتحديدا في جمهورية مصر العربية، على نهر النيل بين العاصمة مدينة القاهرة ومدينة الجيزة، وتبلغ مساحة هذه الجزيرة ثلاثمئة واثنين وأربعين فدانا ذات شكل طولي.
العمل في الجزيرة
على الرغم من قرب جزيرة الذهب لمنطقة الحضر، إلا أن سكانها ما زالوا يحتفظون بطبيعتهم ومعيشتهم الفلاحية؛ حيث نجدهم يعملون في الزراعة وتربية الماشية نظرا لامتداد المساحات الخضراء الواسعة فيها، كما وتجتمع على حافة هذه الجزيرة بشكل يومي أعداد من أهلها والذين يحترفون مهنة الصيد؛ إذ يصنعون القوارب الصغيرة، ويبيعونها في داخل الجزيرة وخارجها، إضافة لترميم وإصلاح ما تهالك من هذه المراكب.
معاناة السكان
إن عدد سكان جزيرة الذهب يتجاوز إحدى عشر ألف نسمة، وهم من السكان المصريين، وبالرغم من قرب هذه الجزيرة إلى المدينة إلا أنها تعاني من شح الخدمات بشكل كامل وانعدامها، إذ يلاحظ تغيب كامل للمدارس فيها، لتصل الأمية فيها إلى نسبة تسعين بالمئة، أما العناية الصحية ففي مركز واحد قد بني بتمويل من السكان المحليين.
إضافة إلى ذلك فقد تم الاعتداء على الأراضي التابعة لهذه الجزيرة؛ حيث تم بناء عدة قصور عليها، وعلى الرغم من الشكوى المتكررة للأهالي، إلا أن شكواهم لم تلبى؛ إذ تعتبر هذه الأراضي من قبل حكومة البلاد محمية طبيعية، فقامت شركات سياحية عديدة بالاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي، كما وتعاني هذه الجزيرة من شح المياه الصالحة للشرب.
وكذلك يعاني سكان هذه الجزيرة من انعدام وسائط النقل وسبل المواصلات، إن كان في داخلها أو حتى مع خارجها، لذلك فإن وسيلة التنقل الوحيدة هي المشي على الأقدام، ناهيك عن استخدام الحمير في نقل الحاجيات، ويعود هذا لاستحالة دخول سيارة إليها.