هناك مثلٌ صيني يقول: الكتاب نافذة تتطلع من خلالها إلى العالم، لعل هذه هي أحد أهم الأمور التي نستفيد بها من قراءة الكُتب. مع الأسف لم يعد هناك العديد من ا لناس التي تقدر أهمية وفائدة القراءة وتهمل حتى النظر إلى مقدمة الكتاب، ففي عالمٍ غزته التكنولوجيا بفوائدها وسلبيتها، ويقوده قطار السرعة لم يعد لدى أغلب الناس الوقت عدا عن أية اهتمام أو رغبة بالكتب. لكن لربما ستجد في هذا المقال أيهُ القارئ الكريم لكلماتي ما قد يجعلك تفكر في البدأ بإنشاء مكتبة خاصة بك للقراءة والإستمتاع بهذا العالم المَقصي.
من المفاهيم التي تعد مغلوطة لدى الناس أن كل شخص متعلم ويمتلك شهاداتٍ عالية هو شخص مثقف، ولكن ليس بالضرورة ذلك فالثقافة تأتي من مدى معرفتك بأمور مختلفة ومتنوعة تتعدى العلم الذي اخترته لتمارسه، فمعرفتك بالتاريخ ثقافة، ومعرفتك بالفن ثقافة، ومعرفتك بالأدب ثقافة وما إلى ذلك من أمور. وهذا النوع من المعرفة يأتي بالإطلاع أي بالقراءة المتمعنة للكتب أو للأبحاث وغيرها من موردي المعرفة.
والكتب بحق نافذة وبوابة للعالم، فمن خلال قراءة الكتب تتعرف على الدول والشعوب وحضارتها القديمة كانت أم الحديثة، ومن خلال قراءة الكتب تتعرف على حروب وأحداث عاشها أُناسٌ كانوا في يومٍ ما على هذه الأرض، وعلى تاريخٍ بُنيَّ هنا. ومن خلالها أيضاً تتعرف على الأدباء والكُتَّاب وعلى إبداعاتهم، وترى العالم من خلال أعينهم.
من خلال القراءة ستتعرف على بدايات العلم الذي بين يديك الآن، و كيف تم تأُسيسه، سواءً في الطب أو في الرياضيات أو في الفلسفة، وستتعرف على اختراعاتٍ كانت الأصل والأساس لتكنولوجيا التي بين يديك في الوقت الحاضر، عدا عن طرائف وأحداث كتبها رحالةٌ من العرب تنقلوا بين هنا وهناك كالجاحظ في كتابه البخلاء وابن بطوطة في كتابه رحلات ابن بطوطة.
وعالم القراءة لا يقتصر على الحقائق ولا على الواقع فهو لا يخلو من الخيال. إن كنت من عشاق الرويات البوليسية فأغاثا كريستي ستمتعك برواياتها التي لا تمل على مغامرات هيركول بوارو ومس ماربل وغيرهما في كشف الحقائق والإمساك بالمجرم. أما إن كنت من عشاق الروايات الخيالية ذات النهايات السعيدة وتلك التي أبطالها يمتلكون قدرات خارقة و روايات الخيال العلمي فستجد بالتأكيد ما تبحث عنه بين هذا الكم الهائل من الكتب والرويات العالمية الحديثة والقديمة، من سندريلا وبياض الثلج إلى روبن هود وهاري بوتر و آلة الزمن.
وأهمية وفائدة القراءة لا تقتصر على إثراء مخزونك الثقافي وعلى زيادة مخزونك العلمي وحسب، بل هي أيضاً طريقة جيدة للإسترخاء بعد قضاء يوم متعب ومضني ومزدحم، بعيداً عن الضوضاء وأثرها وبعيد عن ضغوط الحياة وإزعاجها وبعيداً عن التكنولوجيا والإيقاع السريع الذي تمشي به الحياة. فلما لا تعطي نفسك ساعة أو نصف ساعة حتى واستلقي على كرسيٍ مريح واصنع لك شرابك المفضل وامسك كتاباً تود قرائته واستغرق في هذا العالم.
