شرع الله الزّواج بين الذّكر و الأثنى و وضع له ضوابط و رتّب على كل طرف من أطراف العقد واجبات و جعل له حقوق ، فلم يترك الله سبحانه و تعالى لأهواء النّفس أن تتحكم بمصائر الخلق و حياتهم بل جعل لهم شريعةً يتحرك الخلق و فق ضوابطها و يسيرون على منهجها ، فالمسلم مفتقرٌ إلى ربّه دائماً محتاجٌ إلى حكمته و رحمته ، و قد كان الزّواج من بدء الخليقة سنّة للبشر ، استمرت به البشريّة و تناسلت ، لكنّه كان بدون ضوابط و أحكام فبعث الله النّبيين بالشّريعة من عنده لتعليم البشر و هدايتهم إلى الطّريق المستقيم وفق منهج ربهم وسنّة أنبيائهم .
وعقد القران وهو عقد الزّواج الشّرعي الذي يتمّ بين الذّكر و الأنثى ، شأنه كشأن كثيرٍ من العقود له شروطٌ و أركان تحفظه و تصونه من عبث البشر و أهوائهم ، فالعقد هو الوثيقة التي تتمّ بين الزّوجين و الميثاق الذي ارتضوه لأنفسهم فكان الرّابط بينهم و الحكم عليهم ، وإنّ من أركان الزواج و شروطه هي خلوّ الزّوجين من الموانع الشّرعيّة التي تمنع الزّواج كزواج الكافر من المسلمة فهذا لا يصح في ديننا فلو تقدّم كافرٌ لخطبة امرأةٍ مسلمة ولو حقّق باقي شروط الزّواج لم يصحّ العقد ، و كذلك يجب أن يكون كلا الزّوجين معيّنين تعيناً واضحاً جليّاً حتى لا تلتبس الأمور فلا يصح أن يقول ولي الأمر مثلاً زوّجتك أحدى بناتي و لا يعيّن إحداهنّ فلا يصحّ العقد حينئذٍ ، و من شروط الزّواج أن يكون هناك رضا بين الطّرفين فلا جبر لأحد على الزّواج ، و ما يصطلح على تسميته الإيجاب و القبول بألفاظ ٍواضحةٍ من كلا الطّرفين الزّوج و وليّ الزّوجة و أن يكون هناك و ليّ للزّوجة متعيّن ، فالمسلمة لا تنكح إلا بوليّ ، فإذا كان والدها حيّاً كان وليّها وإن كان متوفّياً كان وليّها من يُوكّل عنه من أقاربها ، وكذلك هناك من شروط عقد الزّواج وجود الشّهود عليه ، و كلّ ذلك في إطارٍ يحفظ لكل من الزّوجين حقوقه وواجباته .
وقد أحلّ الله الزّواج وحثّ عليه نبيّه محمد عليه الصّلاة و السّلام وندب الشباب إليه لحفظ النّفس من الوقوع في المعاصي وحثّهم على اختيار الشريك المناسب صاحب الدّين و الخلق ، فالغرض من الزّواج الدّيمومة و البقاء في جوّ من السّكينة و المودة و الرّحمة .