تجتمع البشرية على الاخلاق الحميدة و العادات الطيبة حتى لو اختلفت طرق ووسائل التعبير عنها، فجميع البشر مهما اختلف طوائفهم و أديانهم و مللهم و لغاتهم و أعراقهم و أجناسهم و صفاتهم و يجمعون على الصدق و الأمانة و الوفاء بالعهود وعد إيذاء الغير و مساعدة المحتاجين و عدم شهادة الزور و غير ذلك من هذه الصفات الجميلة، و جميعهم أيضاً ينبذ الكذب و الغش و الخداع و احتقار البشر و التعالي و القتل و سفك الدماء و الظلم و غيرها العديد من الصفات القبيحة. لهذا جاءت الأديان لتؤكد على كل ما حسن من الأخلاق و تبعد الناس و تنهاهم على ما فسد منها، و كذلك فعلت الحركات الإصلاحية البشرية و الأفكار المتقدمة.
الوالدين هما الأب و الأم، و هما أهم شخصين في حياته، هما من يكون شخصيته و من يعطفان عليه و من يربيانه على الفضائل و الأخلاق الحسنة و من يعلمانه و من يتمنيان له احسن وأفضل مما يتمنيانه لنفسيهما أو مما يتمناه هو نفسه لنفسه، و هما من يحميانه من المخاطر في صغره و كبره و هما من لحزنه و من يفرحان لفرحه، إذا توفيا انقطع عهد الإنسان بالسماء، لأن مجرد وجودهما حول الإنسان هو بحد ذاته رحمة به، فلو انقطعت كل نعم الله عن الإنسان و لم يبق إلا هما، فإن الله لا يزال منعماً عليه وبرجة لا تكاد تصدق، برؤيتهما تطمئن النفس وتسكن وتهدأ و بهما يستمر الدعاء للإنسان، و تستمر الحسنات بالهطول عليه كالأمطار، هذه الكلمات وعبارات لن تستطيع أن تصف فضل الوالدين، فهناك جزء في المشاعر الإنسانية لا تستطيع أبلغ الكلمات وعبارات من أن تعبر عنه، و لا حتى الموسيقى التي هي من المفترض أنها تعبر عن هذا الجزء، و لكنها تقف عاجزة عن التعبير عن محبة الوالدين.
إن الله عز وجل جعل عقوق الوالدين في المرتبة الثانية بعد الشرك به، فعقوق الوالدين من أبشع الجرائم التي يرتكبها الإنسان، هي كبيرة من الكبائر، فعقوق الوالدين عقابه شديد عند الله تعالى، و هو من أشد المحرمات، لما له آثار سلبية على نفسية من المفترض أن يكونوا أحب الناس على قلب الإنسان، و على العكس تماماً فإن الإنسان الذي يبر بوالديه له أجر عظيم و كبير جداً عند الله تعالى، و هو يكون من أحب الناس عنده، و بالتالي ستنتشر سمعته الطيبة و العطرة بين الناس.