ابن خلدون علم من زمن يُحَنُّ إليه!
أمجاد العرب القديمة وريادتهم لم تكن محض صدفة، أو أن طائرًا جاء حاملًا إيّذاها من بعيد وألقاها في جزيرة العرب!
هذا ما يمكن لأي مطّلع أو مثقف قليل الدراية بالعلوم إداركه بمجرد الخوض في تطور العرب قديمًا وسبقهم لباقي الأمم، وما إن يتذكر العرب وأمجادهم وعلماؤهم إلا ويفقز اسم ابن خلدون إلى الذّاكرة؛ لما له من حظٍ وافرٍ من بين من نالوا شرف العلم والريادة في ذاك الزمان.
لم تتّسع آلآف المؤلفات من الكتب والمراجع أن تحتوي ما سطره علماء العرب، ولا يمكن بحال أن نحصر مآثر هؤلاء العظام في كلمات وعبارات معدودة. لذا سأحاول في مقالي المبسط تقمص هيئتهم والتقرب من زمانهم لتسليط الضوء على الجانب العلمي المشرق الذي أسهم به هذا العالم الجليل، العالم الحضرمي محمد بن عبد الرحمن بن خلدون كانت له إسهامات في علوم عدة، في التربية له باع طويل تحدث فيه وأسهب، بل ترك أثرًا لا تزال البشريّة تنهل مما كتبه قبل قرون عدة، ولعل من أهم ما انفرد به ابن خلدون هو تقسيم العلوم من حيث ماهيتها إلى قسمين موضحًا ذلك في قاعدة بسيطة مفادها أن العلوم على مجملها تنقسم إلى علم عقلي، وعلم نقلي، وعلى غرار هذا التقسيم جاءت التّقسيم المعاصر للعلوم وتصنيفها على أنّها إمّا علوم أو آداب .
كتاباته:لقد كتب ابن خلدون في كثير من العلوم مثل: علم الاقتصاد، والفلسفة، ولكن كان أكثر العلوم التي تكلم فيها هو على الاجتماع فقد كانت له نظرياته الخاصة في علم الاجتماع ويعتبر ابن خلدون هو مؤسس على الاجتماع العمراني وهو المنهج الذي يقول أنّ الظواهر الاجتماعية مرتبطة ببعضها البعض.
قد لا يتّسع المقام للحديث في تفاصيل حياته، وما قاساه بين جدران سجون ولاة وأمراء المغرب العربي آنذاك، لكنّ باختصار إنّ المعاناة والنجاح رديفًا، حيثما وجدت المعاناة تجد أناساً مبدعين وهذا ابن خلدون، لم يرضَ العيش دون طموحه وأحلامه التي لطالما ساورته منذ نعومة أظفاره، فنشأ على ما ربّاه عليه والده، محبًا للعلم لا يرضى بالدون ولا حتى أن يكون كعوامّ الناس، وذلك هو التفسير الوحيد لتركه وظيفته ممسكًا بقلم الشارة، مراسلًا للولاة والقضاة باسم أمير تونس، ما دفعه للالبحث عن ذاته، فكان له ما أراد بعد جهد مضنٍ بذل فيه الغالي والنفيس إلى استحق أن يخلّد ذكره إلى أبد الآبدين. فسطر علمًا فريدًا أسهم في تغيير العمران البشري في العالم أجمع وسيبقى أثر ما جادت به قريحة ذلك العالم تنير الكون ما دام على الدّنيا حياة.
محمد بن عبد الرحمن بن خلدون (1332- 1406) 74 عامًا قضاها في مكابدة العلم وملازمة العلماء.
هكذا كانوا وما أحوجنا إليهم اليوم .
فهلّا التمسنا طريقهم واقتبسنا آثارهم ؟!
