ابن خلدون
يعد ابن خلدون أبرز العلماء العرب في مجال العلوم الاجتماعية، حيث ينسب إليه تأسيس علم الاجتماع، بالإضافة إلى إسهاماته الجليلة في علوم التاريخ والاقتصاد، وقد عاش ابن خلدون متنقلاً بين مدن شمال إفريقيا والأندلس إلى أن استقر في مصر وعاش بها ربع قرن، عمل خلاله بالقضاء إلى أن توفي ودفن في شمال القاهرة المملوكية عن عمر يناهز الستة والسبعين عاماً.
حياة ابن خلدون
مرت حياة ابن خلدون بالعديد من الأحداث والمراحل نعرض جزءاً منها كما يلي:
النشأة والتنقل
ولد ابن خلدون لأسرة من العلماء وأهل النفوذ في تونس، ويرجع أصلهم إلى حضرموت، وكان مولده في تونس في عام 1332، بعد انتقال عائلته للاستقرار بها، حيث تولى أبوه تعليمه الأولي، فحفظ القرآن في سن صغيرة.
انتقل إلى مدينة بسكرة فتزوج هناك، ومنها إلى فاس، حيث عمل مؤرّخاً لأبي عنان المريني لمدة سبعة أعوام، رحل بعدها إلى الأندلس ليتنقل بين غرناطة وإشبيلية، ثم انتقل مرة إلى المغرب، حيث بدأ في تأليف كتابه العبر، وعند انتهائه من الكتاب أُرسل إلى سلطان تونس مع طلب بالرحيل لأداء فريضة الحج، وعند عودته من الحج استقر في مصر، وأقام بالقاهرة بقية حياته، حيث تولى قضاء المالكي.
تأسيس علم الاجتماع
يعترف العالم بفضل ابن خلدون في تأسيس علم الاجتماع الحديث، وكان ابن خلدون على دراية كاملة أن علم العمران البشري كما أسماه في مقدمة كتابه العبر، لم يكن من العلوم المعروفة لأحد في العالم، حيث قال: " وأعلم أن الكلام في هذا الغرض مستحدث الصنعة، غريب النزعة، غزير الفائدة، أعثر عليه البحث وأدى إليه الغوص، وكأنه علم مستبط النشأة، ولعمري لم أقف على الكلام في منحاه لأحد من الخليقة".
قد ارتكز ابن خلدون في أبحاثه الاجتماعية على حقيقة أنّ الظواهر التاريخية والبشرية لها أسباب، وكل ظاهرة تحدث بسبب، وتكون سبباً لظاهرة أخرى تالية لها، وبالتالي تشمل تلك الظواهر كل ما يحيط بالإنسان من ظروف جغرافية، واجتماعية، وسياسية، واقتصادية، وانتهى بأن الإنسان لا يستطيع الحياة منعزلاً عن بقية البشر.
التأثير ونتائج في الفلسفة
يرى الكثير من المؤرخين أن ابن خلدون كان أهم فلاسفة التاريخ في العالم، إلا أنه عندما تطرق ووسائل إلى الحديث عن الفلسفة في مؤلفه، رأى أن البحث والقراءة في هذا العلم لا يصح إلا لدراسي العلوم الشرعية، وذلك درءاً للفتنة التي يمكن أن تصيب الإنسان وتضعف إيمانه، وهو الرأي الذي تبناه ابن رشد في الأندلس في فترة سابقة.