عندما تذكر العلوم الدينية يتبادر إلى ذهن الإنسان أحد أشهر علماء المسلمين وهو ابن كثير، وذلك نظرا لما لاقته أعماله من قبول وشهرة؛ هو إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن كثير بن ضوء بن زرع، الشيخ الإمام العلامة عماد الدين أبو الفداء ابن الشيخ شهاب الدين أبي حفص القرشي البصروي الدمشقي الشافعي، المعروف بابن كثير وُلِد سنة 701هـ.
نشأ في بيئة مليئة بالعلم، كان أبوه خطيبا في قرية المجدل السورية، ترعرع يتيما بعد وفاة والده تحت رعاية أخيه كمال الدين عبد الوهاب، ولكنه تأثر بوالده معنويا حيث حفظ أحاديث الناس عن خطب والده وأقواله وأشعاره.
تلقى ابن كثير تعليمه في دمشق؛ وعوض عن فقد أبيه بوجود أخيه الأكبر عبد الوهاب الذي كفل له الرعاية والاهتمام واستمر أخيه الأكبر في مرافقته حتى 750ه.
اتصف ابن كثير بصفات أهلته ليكون عالما متميزا صاحب فكر وكلمة، فهذه هبة الله –سبحانه وتعالى- اجتبى بها بعض عباده فاغتنموها وحفظوها احسن وأفضل حفظ، ومما كان يتصف العالم الجليل به:
• كان سريع الحفظ وهبه الله ذاكرة قوية مما جعله حافظا لعلوم الدين، وقد أتم حفظ القرآن الكريم في سن 11 من عمره.
• كان يتصف بصفة الاستحضار وهي صفة ترتبط ارتباطا مباشرا بذاكرته القوية، فقد كان ينقل الأحداث والمواقف من ذاكرته ويصيغها بأسلوبه الخاص مما جعل له ملكة خاصة في مؤلفاته.
• كان من صفاته أنه كان دائم الأمر بالمعروف مواظبا على النهي عن المنكر وفي ذلك امتثال لتعاليم ديننا الحنيف.
• كان عادلا في حمكه بين الخصوم والأعداء وهي من أشد الصفات المتميزة والتي يصعب على الإنسان الإتصاف بها.
أما فيما يتصف عقيدة العالم الجليل فقد اختلف بين العلماء فيها فمنهم من قال أنه أشعري ومنهم من قال أنه كان سلفيا، أحب شيخ الإسلام ابن تيمية كثيرا ولازمه وتاثر بعلومه وقرأ على الشيخ الحافظ بن قايماز وأجاز له من مصر أبو موسى القرافى والحسينى وأبو الفتح الدبوسى وعلي بن عمر الوانى ويوسف الختى وغيرهم.
من أهم أعماله ومؤلفاته والتي تميز بها عن غيره:
• تفسير القرآن العظيم وهو من أهم تفاسير القرآن على الساحة الدينية. • البداية والنهاية، وهي موسوعة ضخمة تضم التاريخ منذ بدأ الخلق إلى القرن الثامن الهجري. • التكميل في الجرح والتعديل ومعرفة الثقاة والضعفاء والمجاهيل. • الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث وهو اختصار لمقدمة ابن صلاح. • شرحه للبخاري.
توفي اسماعيل بن كثير في يوم الخميس 26 شعبان سنة 774هـ في دمشق وهو في عمر 74 سنة، وكان قد فقد بصره في آخر حياته، وقد ذكر ابن ناصر الدين أنه جنازته كانت حافلة مشهودة، ودفن بوصية منه في تربة شيخ الإسلام ابن تيمية بمقبرة الصوفية؛ وهذه نبذة بسيطة عن سيرة رجل عظيم تحتاج الكثير من الصفحات لسردها، رحم الله علماء هذه الأمة.