إنّ النثر هو أوّل ما عرفه العرب في الخطابة و الكتابة، و النثر معناه الكتابة بشكل مرسل دون إتباع وزن أو قافية، و ما المقال الذين بين يديك هذا إلا مثال على النثر، و كان النثر هو طريقة الكلام و الكتابة الوحيدةؤالمعروفة عند العرب حتى بزر الشعر، و من ثم برع فيه العرب بشكل كبير جدا أيضا، و الشعر كتعرف ما هو معروف للجميع من أبناء العرب مكون من أبيات شعرية متساوية و متماثلة في التفعيلة الشعرية و تتبع وزنا و قافية موحدة و ثابتة، فمنذ ظهور الشعر أصبح العرب يقولون إنّ الكلام في العربية نوعان: شعر و نثر.
و عند بعثة النبي محمد صلى الله عليه و سلم و نزول القرآن الكريم عليه، إحتار فيه من آمن من بلغاء العرب فإنّه ليس بشعر و ليس بنثر من كلام البشر، فقال العرب إن كلام العربية على ثلاث صور: فهو إما شعر و إما نثر و إما قرآن.
إنّ النثر هو أكثر ما تجد عليه من كلام أهل اللّغة، و به تكتب المعارف و المؤلفات، و به تلقى الخطب، و به يتكلم العرب كلامهم العادي في حواراتهم و تواصلهم، أما القرآن الكريم فهو متناه؛ و هو كلام الله تعالى فلا يزيد عن تعرف ما هو مكتوب بين دفّتي المصحف، و الشعر حكر على الموهوبين من الناس ممن يستطيعون الحفاظ على الوزن والقافية طوال القصيدة الشعرية، لذلك تجدالنثر هو أكثر كلام العرب و هو الذي تقرأ فيه كل علوم الدنيا بالعربية.
بقي أن نقول أنّه عرف نوع من النثر سمي بالنّثر الشعري، و هو نثر عادي و لكن قائله أو كاتبه يستخدم أحياناً في نهايات الجمل كلمات وعبارات ذات وزن تفعيلي واحد ، مثل أن يبدأ كاتب قصّته كما يلي: ( جلس محمود في زاوية الغرفة، بجانب الشرفة، يحاول كتابة طرفة، إن ذلك لديه كبير حرفة!!).