بعث الله تعالى في كلّ أمّةٍ رسولاً ليوضّح لهم أمور دين الله تعالى ويهديهم إلى الطريق السليم، وزوّدهم بالمعجزات والدلائل، فمنهم من آمن وعبد الله تعالى ومنهم من كفر وفجر وألحق الأذى بهؤلاء الرسل، وقد توّعد الله تعالى الظالمين والطغاة بسوء الخاتمة، وكذلك كانت قصة سيدنا موسى عليه السلام عندما أرسله الله تعالى لقوم فرعون ليدعوهم.
قصة فرعون وسيدنا موسى عليه السلام
بعث الله تعالى سيدنا موسى إلى قوم فرعون لهدايتهم، وأنقذه من بطش فرعون حيث إنّه كان يقتل جميع الأطفال الذكور اللذين يولدون، بل جعله الله تعالى يربى في بيت فرعون نفسه، وعندما كَبُر واشتد ساعده أكرمه الله تعالى بالعلوم والفقه، وتوالت الأحداث من قتل موسى لشخص قبطي ثم اتفاق ملأ فرعون على قتله ومن ثم خروجه إلى مصر وزواجه، ثم أمره الله تعالى أن يعود إلى مصر ويدعو فرعون والناس إلى عبادة الله، ولكن فرعون أبى ورفض الإيمان وتوعّد موسى ومن معه بالسجن والقتل، فأوحى الله تعالى لموسى بالخروج ليلاً من مصر، فعرف فرعون بخروجهم وجمع الناس وخرج في أثَرِهم باتجاه البحر الأحمر، فكان البحر من أمام موسى والمسلمين وفرعون من خلفهم، فأمر الله تعالى موسى أن يضرب بعصاه البحر فانشق ونجا موسى والمسلمين وغرق فرعون وجنوده، ولفظ البحر جثة فرعون إلى جانب البحر لتكون معجزة للعالمين، وقد أنزل الله تعالى معجزة فرعون في القرآن الكريم، قال تعالى" ((فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُون)). سورة يونس
جثة فرعون الموجودة في المتحف المصري
بقيت جثة فرعون محنّطة في المتحف يراها الناس آيةً على قدرته عزّ وجل، وعندما وصل فرانسوا ميتران إلى الحكم في فرنسا عام ألف وتسعمئة وواحد وثمانين للميلاد، طلب من الدولة المصرية أن ترسل إليه جثة فرعون المحنطة حتى يقوم العلماء لديهم بترميمها ودراستها، وفعلاً استجابت الدولة المصرية وأرسلت المومياء المحنّطة للطاغية فرعون، ووقف في استقبال الجثة في الأراضي الفرنسية الرئيس الفرنسي والوزراء وكبراء المسؤولين في الدولى إجلالاً وإكباراً له، وتم نقله مع مراسم مهيبة إلى جناح خاص في مركز الآثار الفرنسي، وهناك بدأ أكبر وأعلم علماء الآثار في فرنسا وكبار أطباء التشريح والجراحة بدراسة هذه الجثّة لكشف أسرارها الغامضة، والالبحث عن طريقة موتها.
وقد قام العلماء والأطباء بترميم الجثة، ولاحظوا أنّهم عندما فكوا الأربطة التي استخدمها الفراعنة لتحنيط الجثة بأنّ يده اليسرى قفزت للأمام وهذا دليل أنّهم هم من قاموا بربطها لتثبيتها على الوضعية المعتاد عليها في عملية التحنيط، وكان من بينهم العالم موريس بوكاي (الذي أعلن إسلامه فيما بعد بسبب جثة فرعون)، حيث كان مهتماً بالالبحث عن سبب وفاة فرعون، وتوّصل العالم موريس إلى وجود بقايا ملح في الجثة، كما أنّ أضلع الجثة مكسورة دون تأثر الجلد، وهذا دليل على أنّ الجثة ماتت غرقاً، فالكسور في الضلوع ناتجة عن قوة ضغط الماء، كما أنّ تفسير وضعية يد الجثة اليسرى هو إمساكه بالدرع خاصته بهذه اليد بينما كان يمسك بلجام الفرس أو السيف باليد اليمنى، وعندما بدأت المياه تُغرِقه حاول صد الماء بواسطة الدرع ثم تشنجت يده وبقيت على هذه الحالة.