الخشوع في الصلاة هو الوسيلة التي يحقق المسلم غايته وغاية الله قبله من الصلاة، والغاية من الصلاة هي غاية تقويمية في الأساس، فالعبادات لم تفرض عبثاً وإنما فرضت لتهذب نفس الإنسان، فكل عبادة من العبادات مدرسة بحد ذاتها، مدرسة في الحب والأخلاق والرحمة والتكافل والتفكر وإعمال العقل. و لنسلط الضوء على إعمال العقل قليلاً، فالبعض من الناس يعتقدون أنّ الله تعالى قد خلق لنا عقلنا حتى نستدل به عليه فقط، وبمجرد أن نطقنا الشهادتين وضعنا عقلنا جانباً وأعرناه أو أجَّرناه لمن هو قادر على التفكير عوضاً عنا، فنصبح تبعاً لفئة معينة من البشر على أساس أنهم وحدهم القادرون على أن يسيّرونا كيفما أرادوا فيردّون على كل واحد ممن يتجرأ أن يستخدم عقله ولو قليلاً ويحكّمه فيما يصدر عنهم من أفكار ومعتقدات يحاولون بثّها في عقول الناس بقولهم : هذا ما ورثناه وما تربينا عليه، فمن أين نأتيكم بمن يقول مثل قولكم، هم بهذا القول يثبتون أنهم هم أيضاً قد تخلّوا عن عقولهم، فلماذا إذن أعطانا الله العقل إذا كنا سنكون تبعاً لغيرنا من الناس ؟!
العبادات إجمالاً هي دورات بحد ذاتها فمنها دورة في العمر مرة، ودورتان تعقدان سنوياً ودورة كل يوم من الأيام خمس مرات، فهل كل هذا عبثاً؟ أم لخير الإنسان ؟ وهل خير الإنسان يكون فقط في آخرته أم في دنياه أيضاً ؟ و إذا كانت في دنياه، فما الفوائد التي سيجنيها الإنسان في الدنيا من عبادة مثل الصلاة ؟ كل هذه الأسئلة يحتاج الإنسان إلى أن يهتم بها وأن يجد أجوبة حقيقية لها.
يكون خشوع الإنسان في الصلاة عن طريق صلاته بمكان هادئ قدر الإمكان، فالهدوء في الأماكن التي سيصلي الناس فيها مطلوب، لأن أي ضجة تذهب التركيز من ذهن الإنسان، بالإضافة إلى ذلك فإنه ينبغي أن يقوم الإنسان بمحاولة الصلاة في مكان تقريباً خالٍ، فأي شيء قد يكون حول الإنسان قد يسبب له عدم الخشوع، وبسبب صعوبة هذا الأمر في هذه الأيام فيتوجب عليه أن يقوم بعدم التركيز مع من حوله أو إبعاد نظره عن كل تعرف ما هو حوله والتركيز قدر الإمكان في نقطة محدّدة. كما ويتوجب أن يقوم الإنسان بالتفكّر العميق في معاني الآيات التي يقرأها فالتفكر في الآيات هو سبيل الوصول إلى مرضاة الله عز وجل والخشوع في الصلاة وتقويم النفس ورفعة الأخلاق وسمو الإنسان.