الخشوع لله تعالى
قال تعالى: "ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون"، (سورة الحديد، الآية: 16)، إن من أهم العبادات الواجبة على المسلم في حياته الدنيا هي الخشوع لله تعالى، بحيث يسيطر هذا الخشوع على حياة المسلم، فيكون بحالة خضوع وتذلل وانكسار دائم لله تعالى، والخشوع يعد من أصعب العبادات، ويحتاج إلى تركيز من قبل الشخص، ولا يأتي إلا من خلال أقصى حالات التأمل، والتفكر المتعمق، فكيف يخشع الإنسان لله رب العالمين؟
طريقة الخشوع لله تعالى
كما ذكرنا بأن الخشوع ليس بالأمر السهل، بل يحتاج إلى تدرب وتمرن، حتى يدخل الإنسان تدريجيا بحالة الخشوع الدائمة، والتي ستسيطر عليه سائر يومه، وسائر حياته، ويأتي ذلك من خلال ما يلي.
التأمل
إن أهم حالة من الحالات التي يستطيع الشخص من خلالها أن يصل إلى حالة الخشوع التي يرتجيها هي التأمل، بحيث يسعى الشخص دائما لوجوده وحده في بعض الأحيان، حتى يجلس مع نفسه، ويتأمل قدرة الله عز وجل في خلقه وفي هذا الكون، ويتأمل نعمه التي لا تعد ولا تحصى، والتي أنعم عليه بها، وجعله من أحسن مخلوقات الأرض، وليقتد الإنسان بالحالة التي كان يعيشها رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام-، فهي عبارة عن حالة من الخشوع، حيث كان -عليه الصلاة والسلام- يذهب إلى غار حار ويتأمل في الكون، ويتفكر في خالقه الذي أبدع كل شيء خلقه.
العبادات
وذلك من خلال الصلاة أولا، فهي أقرب حالة يكون العبد فيها بين يدي ربه عز وجل، والخشوع فيها ركن من أركانها، لذلك فإن من أهم الما هى اسباب التي تساعد الشخص على الخشوع هي الصلاة، فمتى ما استحضر الإنسان حالة وقوفه بين يدي ربه، فقد يساعده ذلك على الخشوع، وكذلك قراءة القرآن الكريم، فعندما يقوم الشخص بقراءة القرآن الكريم ويرتله ترتيلا، ثم يتدبر معانيه، ويفهم آياته وسوره.
و ذلك لابد من أن يدخله في حالة الخشوع التي يبحث عنها، فمجرد استشعاره بأن الله عز وجل يخاطبه من خلال هذا القرآن فإن ذلك سيضفي على الحالة التي يعيشها مع قراءة القرآن حالة رائعة من الخشوع، والتذلل لله رب العالمين، وكذلك الصوم والحج، فجميع هذه الأركان ستقود الإنسان إلى حالة الخشوع، خاصة أنه يقوم بها لأداء واجبه المفروض عليه لله تعالى.
الأذكار
إن الأذكار كالتسبيح والتهليل والتكبير الدائمة والتي يلهج الإنسان بها دائما في جميع أوقات يومه، ستنمي لديه مسألة الخشوع، وتزيد منها يوما بعد يوم، خاصة أنه دائم الذكرلله تعالى، فهو بحالة فرح دائمة بذكره لله تعالى، ويحاول استغلال أي وقت يسمح له بذكر الله تعالى، ولا يفوته، فحتى وإن كان بسيارته أو بعمله وسمح له الأمر بذلك، وإن سار إلى المسجد، فمتى ما سمح له الظرف الذي هو فيه عليه أن يداوم على ذكر الله تعالى، الذي سيعكس عليه حالة الخشوع التي يبحث عنها.
أعمال الخير
كالصدقة، وزيارة المريض، والمعاملات اليومية مع الناس بصدق وأمانة فكلها فيها استحضار لمراقبة رب العالمين، وكذلك الابتعاد عن المعاصي، ومرور الشخص بأي ظرف سيء، ثم لجوءه إلى الله عز وجل بالدعاء، وهو مدرك بأنه هو الذي ينفع وهو الذي يضر، وأنه بيده كل شيء.
ومن خلال التسابق في عمل الخيرات، وعدم انتظار من يحتاج المال بل البحث عنه، والإنفاق لوجه الله تعالى، واستحضار كلام الله -عز وجل-: "إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين". (سورة الأنبياء، الآية: 90)، وكذلك وعد الله -عز وجل- في الآية الخامسة والثلاثين من سورة الأحزاب للخاشعين والخاشعات بأن لهم مغفرة وأجرا عظيما، جميع ذلك سيقود الإنسان للخشوع لربه سبحانه وتعالى.