الزكاة
تعتبر الزكاة ثالث ركن من أركان الإسلام الخمسة، وهي فرض على كل مسلم ومسلمة، حيث جاء ذكرها في القرآن الكريم في عدة مواضع، قال تعالى: "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة"، ومعنى كلمة الزكاة في اللغة هي الازدياد، والنمو، والبركة، والصلاح، والطهارة، أما شرعا، فإن الزكاة هي نصيب الفقير من مال كل مسلم والتي أوجبها الشرع على المسلمين ضمن شروط خاصة، وتعتبر الزكاة من ضمن العبادات المالية المفروضة.
حكمها
فرض الله تعالى ركن الزكاة على المسلمين في مكة الكرمة، وذلك ضمن أدلة شرعية ورد ذكرها في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة والإجماع، وخصص الدين الإسلامي لزكاة المال والفطر وغيرها مقادير وشروطا وأحكاما وموانع صرف.
نصابها
يعرف نصاب الزكاة بأنه الحد أو المقدار المالي الذي حددته الشريعة الإسلامية، ويكون عند هذا المقدار وما فوقه تستوجب على مالكه الزكاة وإن كان أقل فلا تجب الزكاة، ويتفاوت مقدار نصاب الزكاة وفقا لنوع المال.
الأموال التي تجب فيها الزكاة
فرض الدين الإسلامي الزكاة على كل مسلم ومسلمة في حال امتلاكه كل مما يلي من الأموال:
- زكاة النعم: وهي الإبل والأغنام والخيول إذا بلغت النصاب المحدد شرعا.
- الذهب والفضة.
- زكاة الزروع والثمار: تفرض الزكاة على المزروعات التي نبتت بعد التدخل البشري والهدف منها الاستثمار، أما ما ينبت كالحطب والحشيش فلا زكاة عليها.
- العملة الورقية (النقود).
- الأموال المخصصة للمتاجرة بها، وفي هذه الحالة لا تجوز الزكاة بالأشياء الملموسة منها كالمعدات والمباني والأراضي أو بشكل أدق التي لا تستخدم للبيع أو المتاجرة بها.
زكاة الذهب
يعتبر الذهب من المعادن الثمينة جدا، ويدخل استخدامه في حياة الإنسان بعدة مجالات ومنها صناعة المجوهرات والحلي كما يدخل في صناعة الأسنان أيضا، ومن أثمن أنواع الذهب ما يتم العثور على هيئته الأصلية وهي التبر، ونظرا لقيمته الثمينة فقد حدد الشرع فيما يتعلق بزكاة الذهب والفضة نصابا كالتالي: إذا بلغ مقدار وقيمة الذهب لدى مالكه خمسة وثمانين غراما من الذهب الصافي (ليس من الحلي) وتسعمائة وتسعة وتسعين غراما من السبائك الذهبية وجبت الزكاة، إذ تبلغ نسبة الزكاة بهذه الحالة 2.5% من القيمة الكلية للمقدار.
أما الفضة فإذا بلغ مقدارها خمسمائة وخمسة وتسعين غراما فتجب الزكاة، ونسبة الزكاة بها كتعرف ما هو الحال في الذهب، ويمكن استخدام المعادلة التالية لحساب الزكاة الواجبة على الذهب : (وزن الذهب × نوع العيار× 2.5بالمائة × سعر الجرام من الذهب النقي = القيمة المطلوبة).
أما فيما يتعلق بالحلي (الزينة) الخاصة بالمرأة من الذهب والفضة فتقدر قيمة الزكاة وفقا لوزنها وليس لقيمتها، وتفرض الزكاة على الذهب من عيار واحد وعشرين قيراطا بإسقاط مقدار الثمن وتتم التزكية عن باقي الثمن، أما الذهب من عيار ثماني عشرة قيراطا فيتم إسقاط قيمة الربع وتجب الزكاة على ما تبقى.
إذا اقتنى الشخص ذهبا محرما كأن يقتني الرجل ذهبا للزينة فعليه بالزكاة فيها، كما تجب أيضا الزكاة على الأواني الذهبية والفضية ففي هذه الحالة تفرض الزكاة على القيمة الكلية للأواني الذهبية أو الفضية بعد أن يتم جمع قيمها مع بعضها البعض، فإذا بلغت نصاب الزكاة تكون قد وجبت.
مصارفها
ذكر الله تعالى في كتابه العزيز في واحد وثمانين موضعا وجوب الزكاة كما ذكر الأصناف التي تجب لها الزكاة، في قوله تعالى:" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم"، وتفصيلا على النحو التالي:
- الفقراء: يعتبر الشرع الفقير هو من لا يملك من المال شيئا ولا يجد كفايته منه.
- المساكين: وهي الفئة التي تسد رمقها بالكاد وفي الغالب لا تسده.
- القائمون على الزكاة: وهم الأشخاص العاملون على توزيع الزكاة وجمعها ويتطلب القيام بالزكاة تفرغ كامل حتى يعمل على تطبيق النظام الكامل للزكاة، ولهم الأجر من هذه الزكاة.
- المؤلفة قلوبهم: وصنف الإسلام المؤلفة قلوبهم إلى قسمين: حديثي الإسلام والذين لم يستقر الإسلام في نفوسهم بشكل كامل، والاشخاص الذين لديهم الرغبة باعتناق الدين الإسلامي أو من لا يتعرضون للمسلمين بأذى.
- العبيد: وقد وصفهم الإسلام بفك الرقاب أو الإماء الذين يتم تحريرهم فتجوز لهم الزكاة.
- الغارمون: وهم المدينون الذين تراكمت على كاهلهم الديون فيعطون من مال الزكاة حتى يسدوا ديونهم.
- المجاهدون: وهم من جاء ذكرهم في الآية الكريمة الآنفة الذكر، بـ"في سبيل الله"، وهم من تجندوا ضمن جيوش الدولة تطوعا وليس لهم مصدر للزرق أو المال.
- ابن السبيل: وهو المنقطع عن أهله و بلده أو المسافر (المغترب) والذي نفد ماله وبعيد عن أهله وليس لديه ما يكفيه للعودة إلى أهله.
أهميتها
- إخلاص النية لله تعالى بالزكاة ابتغاء مرضاته.
- التقرب إلى الله تعالى طمعا بالأجر الذي وعده الله تعالى للمسلم الذي يخرج زكاة أمواله.
- طرح البركة بالمال.
- تزكية المال فيه تطهير للنفوس وإبعاد صفة البخل عنها.
- الزكاة من أسمى أشكال ودرجات التكافل الاجتماعي.
- غرس الألفة والمحبة بين النفوس.
- الشخص الذي يزكي بماله يحظى برحمة الله الواسعة.
- سداد حاجات الفقراء والمحتاجين.
- تحقيق العدالة الاجتماعية.
حرمة منعها
حرم الدين الإسلامي على المسلم الامتناع عن إيتاء الزكاة وأعد الله له عذابا أليما في الآخرة وقد وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث نبوي، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه- ثم يقول: "أنا مالك أنا كنزك، ثم تلا قوله تعالى: "ولا يحسبن الذين يبخلون بما أتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة"، ومنع الزكاة هو البخل أو عدم صرف الزكاة وعدم دفع الحق المالي الذي يجب على مالك المال دفعه لمستحقيه في حال توافر شروط اكتمال النصاب، ومن أهم شروط دفع الزكاة وإيتائها أن يكون الشخص مسلما بالغا عاقلا راشدا فإن كان غير ذلك فلا زكاة عليه.
الفرق بينها وبين الضريبة
قد تختلط الأمور على بعض الأشخاص فيما يتعلق بالضريبة والزكاة، وهنا سنشرح بعضا من المفارقات بينهما، ومنها:
- فرض الله سبحانه و تعالى الزكاة على عباده المسلمين دون غيرهم، أما الضريبة فقد شرعها القانون على جميع مواطني الدولة من المسلمين وغير المسلمين.
- تختلف النوايا لدى المسلم في أداء الزكاة والضريبة، فأداء الزكاة يكون خوفا من الله تعالى وتقربا منه وسعيا للنجاة من عذاب الآخرة، أما دفع الضريبة هي امتثال للقوانين وتجنب للعقوبات الدنيوية.
- لا يمكن للمسلم التملص والهروب من أداء الزكاة مهما فعل نظرا لمراقبة الله تعالى جميعهم أما الضريبة فمن الممكن للمواطن أن يتهرب منها بطريقة أو بأخرى.
- تمتاز الزكاة بوصولها المباشر من يد الغني إلى يد الفقير، أما الضريبة فقد يجير عليها الغني ويأخذها لصالحه.
- يؤدي المسلم الزكاة ويأتيها وهو مخلص النية لله تعالى أما الضريبة فهي بالإجبار.
- للزكاة أثر طيب على المال فتطرح به البركة أما الضريبة فهي تنقصه.