بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه. أما بعد،
فإن فوائد البنوك، هي بلا شك من الربا المحرم في القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وقد أجمع العلماء الثُّقَات المعاصرون على حرمة هذه الفوائد، وعلى اعتبارها من الربا المحرم، حيث تظافرت على هذا التحريم آراء العلماء من شتى بقاع العالم الإسلامي، وقد انعقدت في القرن الماضي العديد من المؤتمرات التي اجتمعت على حرمة فوائد البنوك. وقد أكد هذه الحرمة مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي في دورته الثانية، والذي عُقِد في جدة في عام 1985م. كما أكد هذه الحرمة أيضاً مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي في دورته التاسعة، والذي عُقِد في مكة المكرمة في عام 1986م.
وقد استنكر الكثير من العلماء تسمية الربا الذي يأخذه البنك بـ (الفائدة)؛ وذلك لأن هذه التسمية هي من باب التنميق والتزيين للمنكر، وتسميته بغير اسمه، فهي من باب تحلية هذا المنكر في أعين الناس، حتى يظنوا أن الربا هو فائدة ومصلحة لهم. فهي كمن يسمي الخمر بـ (المشروبات الروحية)، ومن المعروف عند العلماء أن للربا أنواع متعددة، ويعتبر أشد وأخطر هذه الأنواع ما يعرف بـ (ربا القروض)، ويسمى أيضاً بـ (ربا الديون)، و (ربا النسيئة)، والنسيئة: تعني التأجيل أو التأخير. كما يسمى أيضاً بـ (ربا القرآن)؛ وذلك لأن تحريمه قد جاء واضحاً وصريحاً في القرآن الكريم، حيث جاء بيان هذه الحرمة في القرآن الكريم في الآية (275) وما بعدها من سورة البقرة. وهذا النوع الخطير والشديد من الربا هو نفسه الذي تمارسه البنوك الربوية اللعينة.
والربا من كبائر الذنوب، وقد قال عنه بعض العلماء: (لقد جاء فيه من الوعيد ما لم يأت في غيره)، فالناظر في الآيات الكريمة، والنصوص الشرعية التي نصت على تحريمه، يلاحظ شدة الوعيد الذي جاء في حرمة هذا الربا، فقد جاء في الآية (279) من سورة البقرة، أن المُصِرِّين على الربا معلنون للحرب على الله ورسوله. وقد جاء في أحاديث صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن آكل الربا ومؤكله وكاتبه وشاهديه ملعونون مطرودون من رحمة الله تعالى، وهم جميعاً سواء. وقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم في أحد الأحاديث أن الربا من السبع الموبقات.
وفي أحاديث أخرى، جاء فيها وصف للعذاب الذي يعذب به المرابون في الحياة البرزخية، وكيف أن المرابي يعذب بالسباحة في نهرٍ من الدم، وكلما أراد الخروج منه، استقبله رجل يقف على ضفة ذلك النهر، ورمى عليه حجراً، فأعاده إلى النهر، ليعيد السباحة به مجدداً.