يتداول المسلمون كثيرًا في وسائل الإعلام وغيرها صورة مسجد قبّة الصّخرة المشرّفة، وكثيرًا ما يشار إلى هذا المسجد باعتباره المسجد الأقصى المبارك، والحقيقة أنّ مسجد قبّة الصّخرة تعرف ما هو إلا جزء من المسجد الأقصى، ويقع المسجد الأقصى في الجهة الجنوبيّة من الحرم القدسي ويسمّى بالمسجد القبلي نظرًا لاتجاهه نحو القبلة، بينما نرى مسجد قبّة الصّخرة يقع شمال الحرم القدسي، وإنّ الخلط بين المسجدين قد يسبّب تغييرًا في الوعي الإسلامي اتجاه أهميّة المسجد الأقصى، وما يحاك ضدّه من مؤامرات، وما يتعرّض له من تهديدات من قِبل العدو الصّهيوني، حيث يرى اليهود أنّ تحت المسجد الأقصى يوجد هيكل سليمان المزعوم لذلك تراهم يحفرون دائمًا تحت المسجد الأقصى بحجّة الالبحث عن هذا الهيكل المزعوم، وقد تسبّبت تلك الحفريات بدورها من تصدّع أساسات المسجد الأقصى، لذلك وجب التّمييز بين مسجد قبّة الصّخرة والمسجد القلبي، حتّى يعرف المسلمون المسجد الأقصى إذا ما تعرّض يومًا للتّهديد، فتعرف ما هو مسجد قبّة الصّخرة الذي هو جزءٌ من المسجد الأقصى ومتى تمّ تشييده؟.
دخل سيّدنا عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى القدس والمسجد الأقصى بعد فتحها وتخليصها من أيدي الرّومان، وقد وجد مكان المسجد الأقصى مليئًا بالأوساخ والقاذورات، فقام بنشر عباءته وحمل ما يمكن حمله من تلك الأوساخ وفعل أصحابه مثلما فعل، وهذا يدلّ على تقدير سيدّنا عمر لهذا المكان واحترامه له، ولاحقًا وفي عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان اهتم الخليفة بالقدس وبمكان المسجد الأقصى فقام ببناء مسجد على شكل مضلّع ثماني الأضلاع على الصخرة المشرّفة، والصّخرة المشرّفة يعود تاريخها في بعض الرّوايات إلى عصر سيّدنا إبراهيم الخليل عليه السّلام حينما أراد أن يذبح ابنه اسماعيل امتثالًا لأمر الله تعالى، فرفعه على تلك الصّخرة المشرّفة قبل أن يأتية الفداء من ربّ العالمين، وفي ليلة الإسراء والمعراج عرج النّبي عليه الصّلاة والسّلام من هذه الصّخرة المشرّفة إلى السّماء.
وقد بدأ بناء المسجد على الصّخرة المشرّفة في عام 66 هجرية، حيث صمّم بناءه المهندس المسلم رجاء بن حيوة الكندي ويزيد بن سلام مولى الخليفة عبد الملك بن مروان، وانتهى تشييد هذا البناء عام 72 هجرية ليكون من أبرز معالم مدينة القدس من حيث جمال العمران وروعة المكان، والصّخرة المشرّفة تقع في وسط المسجد بطول يقارب ثمانية عشر مترًا وعرض ثلاثة عشر مترًا، وارتفاع بحوالي مترين عن سطح الأرض، كما وتكسو جدران المسجد من الدّاخل الفسيفساء والآيات القرآنيّة المنمّقة.
