من الأخلاق الذّميمة التي انتشرت في مجتمعات الجاهليّة جريمة الزّنا ، فقد كان للنّساء الباغيات في الجاهلية بيوتاً يضعون عليها راياتٍ تعرف بها و تتميّز عن غيرها من البيوت ، فيقصدها طالبي المتعة الحرام ليقضوا وطرهم ، و قد كنت لهذه العادة الذّميمة مفاسد و شرورٌ كثيرةٌ منها اختلاط الأنساب فكان الولد الذي تلده الزّانية لا يعرف من أبوه نظراً لكثرة من يغشى المرأة الباغية ، فجاء الإسلام بشريعة القرآن ليبطل تلك العادات الذّميمة كلّها و يمحيها ، بل و يرتّب عليها الحدود و العقوبات و يصنّفها من كبائر الذّنوب ، و ليحثّ أفراد المجتمع على سنّة الزّواج و يرغّب بها لتسود العفّة المجتمع بكلّ مكوناته و تنعدم الجريمة ، و لا يصبح هناك اختلاط للأنساب فكما بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم قاعدةً في ذلك و هي أنّ الولد للفراش و للعاهر الحجر ، أي لا تثبت نسبة الولد لأبيه إلا إذا جاء من خلال علاقةٍ زوجيّةٍ شرعيّة ، أمّا العاهر فليس له أو لها إلا العقوبة جزاءاً و نكالاً من عند الله .
و قد عرّف العلماء جريمة الزّنا بأنها وطء الفرج المحرم و عقوبتها في الشّرع تختلف بين أن يكون الزّاني محصّناً أو غير محصّن ، فالزّاني المحصّن المتزوّج إذا زنى كانت عقوبته الرّجم حتّى الموت في حال كان ذكراً أو أنثى ، أمّا إذا كان عازباً غير متزوّج كانت عقوبته تغريب سنةٍ و جلد مئة جلدةٍ ، و شهادة النّاس على عذابهما حتى يكونا عبرةً لمن يعتبر .
و إنّ الشّرع و هو يضع العقوبات لم يقصد بها تعذيب النّاس ، بل قصد منها ردع النّاس عن هذه الجرائم الإخلاقيّة ، و قد جعل الله سبحانه و تعالى تطبيق هذه الحدود بعد التّثبّت الشّديد و التّحري و طلب الشهداء على ذلك و إلا لم يقم الحدّ ، أو قد يتعافى النّاس بينهم تلك الجرائم بمعنى أنّهم لا يوصلون خبرها إلى الحاكم ، أمّا إذا وصلته وجب إيقاع العقوبة ، و على من يتّهم رجلاً أو امرأةً بالزّنا عليه أن ياتي بأربعة شهداء على ذلك كلّهم يوافق رأيه رأي الآخر و إلا درء الحدّ بالشّبه ، فالحدود تدرء بالشّبهات .
و أخيراً على المجتمع توعية أفراده بمخاطر تلك العادة و الجريمة الذّميمة و آثارها الوخيمة عليه .