التوبة من الزنا
حذّر النّبي عليه الصّلاة والسّلام من أمورٍ تكون بين يدي السّاعة وعلاماتٍ تدلّ على اقترابها ومنها انتشار الزّنا، وإنّ أصول هذه العلاقة المحرّمة بين الجنسين قديمة قدم التّاريخ، وفي الجاهليّة كان للزّانيات راياتٍ خاصّة يعرفن بها وتوضع على منازلهن لإعلام من يرغب بذلك، وعندما بزع فجر الإسلام جاء النّبي عليه الصّلاة والسّلام برسالة الدّين والأخلاق لتطفىء وتمحو أخلاق الجاهليّة ومن بينها الزّنا، حيث أقرّت الشّريعة الإسلاميّة وجهًا واحدًا للعلاقة بين الزّوجين وهو الزّواج الشّرعي على سنّة الله ورسوله ووفق قواعد وشروط معتبرة، وإنّ ما خلا ذلك من علاقات هي زنا محرّم ومن اقترف هذا الجرم من المسلمين عليه أن يتوب إلى الله تعالى من ذلك فالزّنا من كبائر الذّنوب والمعاصي التي جعل الله تعالى لها حدًّا وعقوبة في الدّنيا، ولكي يتوب العاصي من الزّنا عليه بما يلي:
- أن يستشعر الزّاني بعظم جريمة الزّنا وأن يستشعر آثارها الوخيمة على الفرد والمجتمع من اختلاط الأنساب وشيوع الخنى والدّياثة وغير ذلك، كما أنّ التّوبة النّصوح من الذّنوب من شروطها النّدم على اقتراف الذّنب ومحاسبة النفّس على ذلك.
- كثرة الاستغفار، فالمغفرة هي من وسائل محو الذّنوب، ولقد علّمنا النّبي عليه الصّلاة والسّلام إلى فضيلة الاستغفار بقوله استغفروا الله فإنّي استغفره في اليوم والليلة سبعين مرّة.
- أن يعزم العاصي على عدم العودة إلى جريمة الزّنا بعد اقترافها وهذه من شروط التّوبة النّصوح أيضًا، ذلك أنّ حقيقة التّوبة وصدقيّتها تعتمد كثيرًا على نيّة القلب في هجر الذّنب والابتعاد عنه.
- التّوبة من الزّنا من خلال الاعتراف بارتكاب ذلك الذّنب وطلب إقامة الحدّ، فقد جاءت المرأة الغامديّة التي زنت إلى رسول الله عليه الصّلاة والسّلام عندما ارتكبت جريمة الزّنا وقالت له يارسول الله طهّرني، كما جاء ماعز الذي زنا بها إلى النّبي كذلك طالبًا التّطهير بإقامة الحدّ، وقد أقام النّبي عليهم الحدّ معلنًا توبتهم من جريمة الزّنا ومبيّنًا كيف تابت الغامديّة من الزّنا توبة لو وزّعت على أهل المدينة لوسعتهم، فعقوبة الزّنا هي بلا شكّ تطهيرٌ للعاصي من ذنبه.
أخيرًا يتساءل كثيرٌ ممن يرتكبون جريمة الزّنا عن الحالة التي لا يقام فيها عقوبة الزّنا على الزّاني فهل تقبل توبته ومغفرته، والحقيقة أنّ ذلك أمره إلى الله تعالى فإمّا يعذبه الله وإمّا يغفره له إن شاء، وإنّ عليه أن يداوم على الاستغفار وأن يحرص على النّوافل والطّاعات حتّى يرضي الله تعالى لعله ينال غفرانه يوم القيامة.