معاناة الأنبياء والرسل
عانى الأنبياء والرسل عليهم السلام مع أقوامهم، وكابدوا المصاعب والمشاقّ في سبيل دعوتهم إلى الله، فما أرسل الله رسولاً إلى قومٍ إلا وكذّبته طائفةٌ منهُم، وكثير منهُم تعرّضوا للأذى بشتّى أنواعه ووصل الأذى إلى أبشع صوره في القتل الذي جرى لأنبياء الله المُرسلين إلى بني إسرائيل فكانوا يُكذّبون ويقتلون فريقاً كما وصفهُم الله عزَّ وجلّ في القُرآن الكريم.
وهُناك من الرُسل من وصلَ بهِم الأذى إلى أعلى الدرجات حتّى وصفهم الله بأولي العزم من الرُّسل، ومن هؤلاء الرُّسُل الكرام سيّدنا مُحمّد عليه الصلاة والسلام، وهوَ خاتم الأنبياء والمُرسلين وقد أرسلهُ الله سُبحانهُ وتعالى إلى الناس كافّة بدءاً من قُريش، أهل مكّة وأهل النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام، فكانت عادةُ القوم كُسنّة الأقوام من قبلهم مع أنبيائهم ورُسلهم بأن كذّبوه ووصفوه بالجنون ثُمّ بالسحر، وذلك ليقدحوا في صدق دعوته ويصرفوا عنها الناس والأتْباع.
متاعب الدعوة في بدايتها
حاول أهل مكّة أن يصدّوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن دعوته إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام بتقديم الإغراءات المادّية والعطايا، ولكن هيهات أن يُطفؤوا نور الله بمتاع الدنيا الزائل، فلمّا رفض عليه الصلاة والسلام عُروضهم وإغراءاتهم بدؤوا بالأذى الجسديّ والتضييق على الأتْباع وهُم الصحابة السابقين إلى الإسلام رضيَ الله عنهُم، فهاجرَ جزءٌ كبير منهُم إلى أرض الحبشة فراراً بدينهم وطمعاً في جوار ملك الحبشة النجاشيّ الذي أعلن أسلامهُ فيما بعد.
ثُم كانَ من أهل مكّة أن أعلنوا المُقاطعة بأن لا يبيعوا لأحدٍ من المُسلمين شيئاً ولا يشتروا منهم ولا يُعينوهم ولا يتزوجوا منهم ولا يُزوجوهُم، وكان بالتزامن مع كلّ هذهِ المشاقّ الأذى المُتكرر للصحابة رضوان الله عليهِم.
اجتماع كُّفار قُريش لقتل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ليلة الهجرة
كان أعظم ما تآمر عليه الكُفّار من أهل مكّة حين أرادوا صدَّ الإسلام عن التقدّم هوَ أن يقوموا بقتل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم؛ حيث اجتمع سادة القوم من قُريش وصناديد كُفرهِم وأجمعوا برأي أبي جهل اللعين أن يُخرجوا من كلّ قبيلة شابّاً فتيّاً فيضربون النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام بالسيف ضربةً واحدة ليتفرّق دمه عليه الصلاة والسلام بين القبائل.
وقد كان اجتماع كُفّار قُريشٍ هذا في دار النّدوة في مكّة المُكرّمة وفي الليلة التي أمرَ الله فيها نبيّهُ عليه الصلاة والسلام بالهجرة إلى المدينة المنوّرة، وكانَ عاقبة هذا التخطيط المُجرم الآثم هوَ الفشل والخيبة؛ حيث انقلب الكافرون على أعقابهم ولم ينالوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شيئاً، وتّمت لهُ الهجرة المُباركة إلى المدينة المنوّرة مع صاحبهِ أبي بكر رضيَ الله عنه.