قبل أن نتحدّث عن المختار التقفيّ وثورته نتطرّق إلى حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، الذي رواه الترمذيّ وصحّحه الألبانيّ ، حيث قال عبد الله بن عمر رضيَ الله عنه، عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : (( في ثقيف كذّاب ومُبير)) ، والمقصود بالمُبير هو الشخص شديد الإهلاك وشديد البطش ، وقد تحقّق هذه الحديث النبويّ في شخصين هما : المختار بن عبيد الثقفي ، صاحب هذه القصّة التي سنتطرّق إلى الحديث فيها وهو المقصود بوصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالكذّاب ، وكذلك في الحجّاج بن يوسف الثقفيّ والمعروف بشدّة بطشه وإمعانه في قتل سادَة وكبار العلماء ، ولم يكن يتخوّل عن القتل أو الإيذاء فكان شديد البطش والتنكيل.
أمّا الكذّاب الثقفي فإسمه المختار بن أبي عبيد ، ولِد في السنة الأولى للهجرة وقُتل في العام السابع والستين بعد الهجرة في منطقة الكوفة بالعراق على جيش مصعب بن الزبير رضي الله عنه وأرضاه.
اشتهرَ هذا الكذّاب بثورته على حكم بني أميّة وكان رافضيّاً شيعيّاً ، لهُ من الإسهامات في نشر الفكر التشيّعي من خلال ثورته الأثر الكبير.
ومن الأمور التي إشترك فيها أن أطلق شعارات الثأر للحسين بن عليّ والإنتقام من قتلة الحسين بن عليّ رضيَ الله عنه وأرضاه ، فقاد جيوشاً وقتَل كبار من أسهموا في قتلِ الحسين بن عليّ رضيَ الله عنه وأرضاه ، ولا أقول بأن قتل من ساهم بقتل الحسين أمراً لا نحبّه ونعتبره من سلبيّات الرجل ، بل قتلة الحسين بن عليّ رضي الله عنهم هم من شرِّ الناس ، وهم أولى بالقتل من دون سائر البشر ، ولكن ما نعنيه في الحديث عن المختار الثقفيّ هو ثورته على حكم الأمويين ونشره للفكر التشيّعي في العالم الإسلاميّ ، وكان هو أول من أطلق عبارة ( يا لثارات الحسين) ، ولهُ من التمجيد والتقديس لدى الشيعة الشأن الكبير ، لأنه الذي أخذ بثأر الإمام الحسين عليه رضوان الله.
وقد اشتهر عن هذا الكّذاب الثقفيّ أنّه يزعم بأن جبريل عليه السلّام يأتيه ، ورأيُ علماء أهل السنّة فيه أنه هو الذي أخبر عنهُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأنّه الكذاب من بني ثقيف ، وقد قُتِل المختار الثقفيّ على يدّ جيش مصعب بن الزبير أخو الصحابيّ الجليل عبد الله بن الزبير ، في منطقة الكوفة في العام السابع والستّين للهجرة ، وقبره موجود في منطقة الكوفة في العراق.