كلام الله عزّ وجلّ الذي أنزلَهُ على نبيّه ورسولهِ صلّى الله عليه وسلّم هوَ خيرُ الكلام ، وهو طبيب البشر من الادواء والأمراض والعِلل ، وهو شفاءٌ لما في الصدور ، وهو طمأنينة للقلوب ، ولا تكون صلاتنا إلاّ به ، فأنتَ إذا أردتَ أن تسمعَ كلام الله فَقُم إلى قراءة القرآن وأفزع إلى تدبّر آياته ، وإلى صلاةٍ في جوف الليل تقرأُ فيها ما تيسّر لكَ من القرآن الكريم ، فبِها تُجلى الهموم وتُرفَعُ الدرجات.
وكتاب الله عز وجلّ أنزله الله على العالمين حتّى قيام الساعة ، ليتعلّموه ويتعبّدوا الله به ، ويعملوا به ، ويكون لهم مُرشداً في الظُلمات ، وباعثاً بالحقّ وبالهدى للعالمين ، فحتّى تتحصّل المنافع من هذا الكتاب الخالد على المسلم أن يفهمه وأن يحاول أن يحفَظَ ما تيسّر له منه ، وإذا فازَ بأن حفِظَ القرآن كلّه كان ذلك هو الخير والفضل العظيم ، التي والله ما بعدّها نعمة ، خصوصاً إذا كان من العاملين بهِ والمقتدين به.
وحتّى يحفَظَ الإنسانُ القرآن ، عليه بدايةً أن يُخلصَ النيّة لله وحدّه لا شريك له ، وأن لا يحفظ أو يقرأ لِيُقالَ بأنّهُ قارئ ؛ لأنّه عندها سيكونُ ممن أول من تُسعّر بهم النار يوم القيامة ، ولكن تكون نيّته خالصةً لوجه الله تعالى بحفظ القرآن العظيم وبلا شكّ إذا عَلِم الله منكّ صِدقَ النيّة سهّل لكّ الحفظ ويسّرّه لك.
ولكي تحفَظَ القرآن ويكون حِفظه سريعاً وفي وقتٍ قصير ، تذكّر أنَّ برَكةَ الأوقات من عند الله سبحانه وتعالى ، فادعُ الله جلّ وعلا أن يُبارك لكَ في وقتك ، وأن يسهّل عليك الحفظ ، فسلاح الدعاء هو سلاحٌ قويٌّ فاعل.
وحتّى تحفظ القرآن الكريم في وقتٍ قصير،عليك أن تفهم القرآن وتعلم تفسير الآيات جيّدا ، فإذا تمكنت من لغة القرآن ، ومن فهم القرآن كانت سهلة عندك وكلّما حفظت بشكل أسرع وفي وقت اقصر.
وكذلك لسرعة الحفظ واقتصار الوقت ، حاول أن تقرأ الذي حفظته يوميّا في صلاتك ، وأن تُجبر نفسك على وقت مخصّص للحفظ ويكون هذا الوقت في مكانٍ بعيدٍ عن ضوضاءِ النّاس ، حتّى يصفو فِكرُكَ وتكونَ صافيَ الذهن فبالتالي تَحصُلُ لكَ بَرَكةَ الحفظ ، وتحفظ في أقلّ وقت ممكن.
وتذكّر أيضاً أن تجعلَ قلبَكَ خالياً من أيّ معصية ، وأن لا تَسمعَ إلاَ طيّباً ولا تقولَ إلاَ حَسَناً ، فالله عزّ وجلّ أسأل أن يجعلنا جميعاً ممَن يحفظون كِتابه ويعملونَ بِهِ آناء الليل وأطراف النهار.