لم تنهض الدول المتقدِّمة على هواء، بل نهضت على أسسٍ ثابتةٍ، ومراحل ممنهجة، وخطواتٍ علميَّةٍ مدوسةٍ بعنايةٍ فائقة؛ فالنهضة تحتاج إلى تكاتف الطبقات المجتمعيَّة كافَّة وعلى رأسها طبقة العلماء، والمفكِّرين، والدارسين.
تدور في خلد الإنسان أسئلة عديدة ومتنوعة تُثار من خلال مجالات اهتماماته، وتفاعلاته، وتخصًّصاته؛ حيث يجد الإنسان في هذه الأسئلة نقاطاً تأسره بالكليَّة، فهو لن يستطيع التحرُّر من هيمنتها على عقله ليصبح قادراً على استيعاب مزيداً من الأسئلة الأخرى إلَّا بإيحاد الأجوبة التي يطمئنُّ إليها عقله. رحلة التحرُّر من سطوة السؤال وهيمنته هي ما تعرّف بالبحث العلميِّ، فالبحث العلميُّ ضرورة اجتماعية وأمميَّة على حدٍّ سواء؛ فهو وسيلة لكشف المجهول، وتنقيح الأفكار القائمة، والوصول إلى عالمٍ إنسانيٍّ جميلٍ قائمٍ على التعاون بين مختلف أصناف الناس من أجل تحقيق منافع لهم جميعاً دون استثناء أو تمييز قائم على حدود مصطنعة.
البحث العلميُّ عادةً ما يكون من اختصاص المؤسَّسات العلميَّة، والمراكز البحثيَّة، حيث يتمُّ من خلال هذه المؤسَّسات تذليل الصعوبات أمام المجتهدين من الدَّارسين، والباحثين، والعلماء، والمفكِّرين الذين يمتلكون شغف المعرفة، وحبَّ اقتحام المجهول، وسبر أغوار العالم الإنسانيِّ.
للبحث العلميّ منهجيَّة واضحة تُتَّبع في كافَّة أنواع البحوثات، إلَّا أنَّ هناك بعض الاختلافات بين أنواع البحوث، والتي ترجع إلى طبائع العلوم المتنوعة، فالاقتصاد ليس كالفيزياء ليس كالهندسة ليست كالطب ليس كاللغات؛ فلكلِّ علمٍ أفانينه، ومداخله، ومخارجه.
الطريقة العامَّة لكتابة البحث العلميِّ
- تحديد المشكلة التي أشكلت على عقل الباحث والتي يالبحث عن جواب جيِّد لها يريح عقله، ويطمئنُّ إليه.
- إعداد خطة كاملة وواضحة للعمل، والبحث، والتدقيق، حيث تساعد هذه الخطة الباحث على معرفة الطريق الذي سيسلكه من أجل الوصول إلى النتائج المرجوَّة.
- تحديد المراجع التي سيرجع إليها الباحث من أجل جمع المعلومات التي قد تعينه على القيام ببحثه على الوجه الأكمل.
- بعد الاطلاع على المصادر، يبدأ الباحث بتسجيل كافَّة المعلومات التي يحتاج إليها من أجل إتمام بحثه بالشكل الأمثل.
- في حال احتاج البحث إلى استطلاع لشريحة من الناس، عليه البدء بعمل الاستبيانات المتخصِّصة والتي تساعده على إتمام مهمَّته.
- بعد أن ينتهي من جمع البيانات والمعلومات المختلفة، تبدأ عملية المعالجة، وتتضمن هذه العلميَّة تطبيق كافَّة الطرق ووسائل التي يضعها العلم بين يديه من أجل الحصول على النتائج، وهذه الطرق ووسائل في المعالجة تختلف بحسب طبيعة العلم.
- تبدأ مرحلة كتابة البحث العلمي، وهذه المرحلة تبدأ بكتابة مسودَّة كاملة لكلّ ما توصَّل إليه من نتائج.
- يبدأ بإعداد البحث العلمي بصورته النهائية، حيث تتضمَّن هذه المرحلة عمليَّات مراجعة يجريها على كلِّ ما استعمله، وما توصَّل إليه من نتائج.
- من باب الأمانة العلميَّة، يجب على الباحث بعد أن ينتهي من إعداد بحثه تضمين كلِّ ما استعمله من أدوات ومراجع في بحثه.
