كان النّاس في الجاهليّة يعيشون حياةً بعيدةً عن الدّين يتخبّطون في ظلمات الجهل و الضّلال ، و كانوا يعتقدون معتقداتٍ غريبةٍ فقد كانوا يرون أنّ كسوف الشّمس و خسوف القمر يحدثان بسبب اقتراب مولد عظيمٍ أو بسبب موته ، فجاء الإسلام ليهدم تلك المعتقدات الباطلة و ليخرج النّاس من ظلمات الشّرك و الضّلال و التّيه إلى نور الهداية و الفلاح ، فبيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ الشّمس و القمر ما هم إلا آيتان من آيات الله لا ينخسفان و لا ينكسفان لموت أحدٍ أو حياته و إنّما هم علاماتٌ على قدرة الله سبحانه و تعالى و عظمته في الكون و الآفاق ، و قد بيّن النّبي صلّى الله عليه و سلّم أنّ الله يخوّف عباده بهاتين الآيتين و في روايةٍ حين يتجلّى الله للشّمس أو القمر يُحجب ضوؤهما خشيةً من الله سبحانه و تعظيماً له .
و السّبب العلميّ الذي يفسّر ظاهرة حدوث خسوف القمر هو حين تصبح الأرض بين الشّمس و القمر فتُحجب نور الشّمس عن القمر فيحتجب ضوءه الذي ينعكس من ضوء الشّمس ، و ظاهرة كسوف الشّمس تحصل أيضاً حين يمرّ القمر بين الشّمس و الأرض فينحجب نور الشّمس كلياً أو جزئيّاً ، و هذا تفسير تلك الظّاهرة علمياً .
و حين ظهرت تلك الظّاهرة الآية على عهد رسول الله صلّى الله عليه و سلّم خرج من بيته فزعاً إلى الصّلاة و بيّن في ذلك اليوم حقيقة تلك الظّواهر و أنّ الشّمس و القمر آيتان من آيات الله ، و حثّ على الصّدقة و الدّعاء و التّكبير و الصّلاة في هذا اليوم ، و هذا يؤكّد أنّ هذه الآيات إنّتعرف على ما هى ممّا يخوّف الله به عباده فلزم الإلتجاء إلى الرّحمن و التّوسل إليه بالرّحمة و الغفران .
و إنّ صفة صلاة الخسوف و الكسوف كما أدّاها رسول الله صلّى الله عليه و سلّم هي ركعتان ، في كلّ ركعةٍ ركعتان و سجدتان و هذه الصّلاة متّفقٌ على أدائها عند رؤية هذه الآيات باتفاق العلماء ، و حين صلّى النّبي الكريم بالصّحابة في هذا اليوم رأى الجنّة و النّار و كاد أن يأخذ عنقوداً من الجنّة و رأى النّار فابتعد عنها .