الصلاة
قد يفوّت أيّ إنسان صلاة ما من الصلوات الخمس لظرفٍ طارئ ألمّ به، أو لنسيانِ الصلاة من أصلها، أو ربما لنومه عنها وتفويته لها، وهذه الحالات قد تحدث مع أي شخص، وقد وقعت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حادثةٌ مشابهةٌ يوم الخندق؛ فبسبب شدة المعركة، شُغل رسول الله عن الصلوات، فقام وصلاها بالترتيب.
وقد وردت هذه الواقعة في حديث شريف، (عن جابرِ بنِ عبد الله أنّ عمر بن الخطاب جاء يوم الخَنْدَقِ بَعْدَما غَرَبَتِ الشمسُ، فجَعَلَ يَسُبُّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ، قال: يا رسول الله، ما كِدْتُ أُصلِّي العصر حتى كادتِ الشمسُ تَغْرُبُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "واللهِ ما صَلَّيْتُهَا"، فقُمْنَا إلى بُطْحَانَ، فتَوَضَّأَ للصلاة، وتوضَّأْنا لها، فصَلَّى العصرَ بعدَما غَرَبَتِ الشمسُ، ثم صلَّى بعدَها المغربَ).
قضاء الصلاة
مما سبق، وبناءً على الوقائع والنصوص الشرعية؛ ذهب المتخصّصون الشرعيون إلى أن قضاء الفائت من الصلاة واجب، ولكن لا يعني ذلك أن ينام الإنسان عن صلاةٍ ما، أو ينساها، أو ينشغل عنها، ويتركها، وبعد لك يقضيها؛ فالصلاة عبادة رئيسيّة وأساسية في الدين الإسلامي، وهي وسيلة اتصال العبد بربه، وهي الوسيلة التي يتقرّب بها العبد من الله؛ لهذا فقضاء هذه العبادة إن فُوِّتت أمرٌ واجبٌ على المسلم.
ويجب على المسلم إن فاتته صلاة وأراد قضاءها أن يُراعي الترتيب بين الصلوات، فإن فوّت المسلم صلاة المغرب ودخل وقت العشاء، صلى المغرب أولاً، ثم بعد ذلك قام يُصلي العشاء، وفي هذه الطريقة لقضاء الصلاة إظهارٌ لسرعة قضاء الصلاة، مع المحافظة على ترتيب هذه الصلوات.
أمّا إن دخل وقت الصلاة التالية وفاتت الصلاة السابقة لها، ولم يبق متّسع من الوقت للصلاة الحالية، قام المسلم وصلاها أولاً، ثم بعد ذلك قضى الصلاة الفائتة، وهذا قول طائفةٍ من العلماء الذين رفعوا ناحية عدم تفويت الحاضرة على ناحية الترتيب، أمّا الطائفة الأخرى فقد أعلت من شأن الترتيب، فذهبوا إلى أنّه حتى لو خشي المسلم فوات الصلاة الحاضرة وعليه صلاة فائتة، فإنّ الأولى أن يحافظ على ترتيب الصلوات فيقوم فيصلّي الفائتة قبل الحاضرة.
في حال وصل المسلم إلى مكان أُقيمت فيه صلاة الجماعة للصلاة الحاضرة، وكان قد فوَّت عليه الصلاة لسبب ما، فإنه يقوم ويصلي الحاضرة مع الجماعة، ثم بعد ذلك يقضي الفائتة، وقد اختلف العلماء في مسألة إعادة الصلاة الحاضرة التي صلّاها المسلم جماعة، فذهب بعضهم إلى ضرورة إعادتها، فيما ذهب الآخرون إلى عدم وجود ضرورة في إعادتها.