تعتبر محبة الناس لدى الكثير من الأشخاص من الأمور المهمة جداً في حياتهم، فهو يسعى جاهِداً وبكل الزسائل للحصول على محبتهم، ومنهم من ينجح بذلك؛ ومنهم من يُصادف فشلاً ذريعاً قد يقلب المحبة إلى عِدائية كبيرة مع الشخص. إن التعامل مع الناس هو فن أكثر منه علم، فالنفس البشرية عالمٌ شائك جداً، والتناقضات الموجودة لدى البشر كثيرة ولا يمكن إحصاؤها، ولكن لكل إنسان في هذه الدنيا مفتاح؛ يمكن من خلاله الوصول إليه ونَيْل محبته، فيجب على من يطلب محبة الناس أن يعرف مفتاح كل إنسان على حده، ويدخل إليه من الباب الذي يضمن به أن يحوز على محبة ذلك الشخص.
علاقة المحبة هي علاقة ذات طرفين، أنت والشخص الآخر، فلا يمكن أن تحصل على محبة شخص أنت لا تحبه أصلاً، ولاي مكن أن تستدرج محبة شخص دون أن تكون عندك مقوِّمات المحبة التي يمكن أن يلقاها الشخص الآخر فيك. فالمفتاح الذي تحدثنا عنه مقسومٌ إلى قسمين، بدونهما لا يمكن أن تفتح قلب الشخص الآخر وتحصل على محبته. القسم الأول هو أنت؛ والقسم الثاني هو حاجة الطرف الثاني، القسم الأول والذي يتمثَّلُ فيك؛ هو أن تكون إنساناً متواضِعاً بشوشاً مُحِباً، فلا يوجد أحد قد يُحب إنساناً عابِساً طوال الوقت؛ ولا يوجد من يحب مغروراً أو مُتكبِّراً، ومن لا يحب لا يُحَب، فكيف ستحصل ععلى محبة الناس وانت غير محبٍّ لهم؟ ففقاد الشيء لا يُعطيه. فيجب على المرء إصلاح أمرِه أولاً حتى يتمكن من قطع نسف المسافة نحو الحصول على محبة الآخرين.
المحبة كالإحترام، تُكتسب ولا تُطلب، فلا يمكن أن تطلب من شخصٍ ما أن يحبك، بل أنت من تجعل الشخص الذي أماك يحبك أو ينفر منك. ما تقومُ به وما تُقدِّمه هو ما يُقرِّب الناس منك ويجعلهم يحبوك بعد ذلك، فيجب عليه أن تجعل نفسك قريباً من الناس حتى يتعرَّفوا على مزاياك ويحبوك لأجلها، فمن يحبك لوسامتك؛ سيتركك فور ذهابها. اعرف ما يحتاجه الناس وتحلَّى به؛ ولكن لا تتصنَّع، فإن كانت العادة غير أصيلة فيك فسوف يكتشفها الناس ويتُعرف بأنك مُخادع، فبدلاً من أن تكسب محبتهم؛ تكون قد كسبت بغضهم لك وابتعادهم عنك.
تحلَّى بالصفات الأساسية المحبوبة لدى الناس، مثل الصدق والأمانة والإخلاص والمحافظة على المواعيد، هذه الصفات وغيرها من الصفات الحميدة؛ تجعل الناس ترغب بالتقرُّب منك أكثر ومعرفتك بشكل أكثر وأعمق. أحسِن الظن بالناس حتى لو لم يكن ظنك في محله، فالناس عاطفيون جداً، ويتقرَّبون ممن يُحسِن الظن بهم، حيث أنه في زمننا هذا أصبح سوء الظن هو الغالب على العلاقات الإجتماعية، وفي هذه الحالة تكون أنتَ مِثالاً لنموذجٍ فُقِدَ في هذا الوقت. أخبر الناس بمحبتك لهم، فالناس بشكلٍ عام تجد صعوبة في الإفصاح عن مشاعرهم للغير؛ خوفاً فإنه يتخلى عن منظومته الدفاعية وينتقل إلى تبادل المشاعر، وحتى لو لم يكن يُبادله نفس الشعور؛ فإنه يخجل من أن يُعارض فكرة سامية مثل المحبة، فيتوجه نحوها بكل صدرٍ رحب. استقبل الإهانة بابتسامة، ولا ترد على الفحش بمِثله؛ لأن الناس لا تجب الفاحش، قد لا تلزمك محبة شخصٍ قام بإهانتك، ولكن ردك الإهانة له وردُّك عليه بفحشٍ كما ألقى عليك؛ سيجعل الناس الآخرين تنفر منك، لأنك حين تُخاصم تفجر وتُجاهرُ بالفُحشِ في القول، وهذه صِفاتٌ لا يرغبها الناس في أحبائهم.
إن مفتاح قلوب الغير يكون باستمالتها إليك؛ وذلك بأن تكون مرادهم وغايتهم، تجعل هدفهم معرفتك؛ ومبلغ أمانيهم حصولهم على محبتك ومعرفتك جيداً والتقرب منك.