من منّا لا يتمنّى أن لا يكون مرتاح النّفس والبال ، فهذا الأمنية يتمنّاها الجميع من النّاس على اختلاف أعمارهم وصفاتهم ، ذلك بأنّ راحة النّفس والبال هي من أهمّ الما هى اسباب التي تؤدّي إلى السّعادة ، ولا عبرة لمن يقول بأنّ المال هو أهمّ شيءٍ يجعل النّفس مرتاحة ، ذلك بأنّ المال قد يكون سبباً للشّقاء والتّعب والنّصب لمن يسعى إليه ، وقد يتحوّل الإنسان السّاعي لجمع المال إلى أن يكون عبداً له أسيرا ، فالمال قد يكون أحد الأدوات التي تصنع السّعادة بلا شكّ ، إلا أنّه ليس أهمّ الأدوات بل يسبقها في الأهميّة أمورٌ كثيرةٌ ، فالإنسان قد تأتيه راحة النّفسيّة والبال حين يحقّق ذاته وطموحه في الحياة ، ويبقى السّؤال الذي يشغل بال الكثيرين هو كيف أكون مرتاح النّفسية والبال ؟
- إنّ أوّل شيءٍ يجب أن يتفطّن إليه الإنسان أنّ حبّ الشّيء والتّعلق به مما يورّث في القلب الهمّ والحزن ، وفي الحديث حبّك الشّيء يعمي ويصم ، فالإنسان حين يتعلّق بشيءٍ أو شخصٍ تعلّقاً كبيراً تراه يتوجّه إليه بكلّ مشاعره وينشغل قلبه به ، فتراه يفتقد إلى الرّاحة النّفسية وخاصّةً عندما يغيب عنه ذلك الحبيب ، فتراه يقلق حين يغيب عنه ويتوتّر ، ويحزن ويغتم إذا أصابه مكروه ، والعلاج و دواء لهذه الحالة يكون بأن يكون الإنسان وسطيّاً في محبّته وبغضه بأن يحب باعتدال وإذا كره أن يكره باعتدال .
- على الإنسان وحتى يكون مرتاح النّفس مطمئنّاً أن يكون متحرّراً من قيود الحياة ، ذلك لأنّ القيود قد تكون عائقاً أمام الإنسان لتحقيق رغباته وتطلعاته ، وخاصّةً إذا لم تستند تلك القيود إلى قيم الدّين وأعراف المجتمع .
- على الإنسان أن ينفّس عن مشاعره الدّفينة باستمرار ، فالأفكار التي تشغل الإنسان ، والهموم التي تستحوذ على قلبه لا يمكن التّحرّر منها والتّخلص من أسرها إلا بالتّنفيس عن ذلك بالخروج مع الأصدقاء ومشاركة الهموم والمشاكل وعيوب معهم ، ومجالسة الفكهاء والضّحك الذي يؤدي إلى منح العقل حالةً من السّعادة لا توصف ، وحتّى البكاء قد يكون حالة تنفيسٍ تمنح النّفس الرّاحة أحياناً .
- يبقى أن نقول أنّ ذكر الله تعالى والصّلاة هي من أهمّ الأمور التي تجعل النّفس مرتاحةً مطمئنّةً ، كما أنّ حسن التّوكل مع الرّضا بما قسمه الله تعالى هي ممّا يبعث في النّفس الرّاحة والسّعادة .