كل نفس من الأنفس وكل شخص من الأشخاص يحيد عن الطريق القويم الذي هو الطريق المعياري لكافة البشر، فطريق الصلاح هو طريق الهداية وهو طريق الآخرة بلا أدنى شك في ذلك، فالله تعالى عندما خلقنا خيرين ولكن الإنسان بطمعه وجنونه استهان بالخير الذي ينضوي عليه في داخله وبالتالي استحال في بعض الأحيان إلى شرير ليس على نفسه فقط بل على كل من هم حوله، لهذا السبب فالإنسان هو من يقوم بإصلاح نفسه وتقويم اعوجاجه، فصلاح الإنسان يجعله مصدراً للخير لكل الناس وأما فساده فهو شر على كل الناس، لهذا ومن هنا فكل الناس يسعون دائماً وأبداُ إلى إصلاح نفوسهم وإلى وحدتهم وتماسكهم وتضافرهم.
صلاح الإنسان يبدأ بوجود رغبة حقيقية في التغيير، فلا صلاح أو تغيير من دون وجود هذه الرغبة أو هذه الإرادة، فالإنسان هو من سيقرر كيف سيكون طريق حياته وهو من سيقرر ما الذي يتوجب عليه فعله في البداية حتى يصلح من نفسه.
بداية الصلاح تكون بالإقلاع عن كل خطيئة قام الإنسان بارتكابها، فالصلاح وحتى يكون صلاحاً حقيقياً ينبغي أن يكون مقترناً بالفضائل لا أن يكون متلازماً مع الرذائل، فالفضيلة هي سبيل النجاح والفلاح لا الرذيلة. بعد ذلك ينبغي إصلاح ما تم إفساده، فكل شيء ناتج عن الرذائل التي كان هذا الشخص يجب أن يتم إصلاحه وعلى الفور، فالرذيلة تتنوع أشكالها وتتعدد صنوفها وألوانها إلا أنها تبقى رذيلة وهي بقعة سوداء شديدة السواد في القلب الأبيض النقي، لهذا فالإنسان الصالح عندما يقوم بأمر ما خاطئ، فإنه يسعى فوراً لإصلاح نفسه وإعادتها إلى طريق الرشد والصواب، لأن هذه النقطة السوداء تشوه منظره أمام نفسه.
أيضاً يتوجب إثبات التغيير سواء لله أم للنفس أم للإنسان، ويكون هذا الإثبات بالإقدام على فعل الصالح من الأمور والابتعاد قدر الإمكان عن كل تعرف ما هو فاسد، وصالحات الأمور كثيرة جداً حيث إنها تغطي كافة المجالات، ولكن الأساس هو تحسين الأخلاق بين الناس، فكلما كانت الأخلاق أرقى كلما كان الإنسان صالحاً أكثر، فالأخلاق هي أساس كل شيء، بالإضافة إلى ذلك فصلاح الإنسان يكون بمقدار الخير الذي من الممكن أن يصدر عنه، كما أنه وبالضرورة فصلاح الإنسان يكون بقدرة هذا الإنسان على إبعاد الشر عن نفسه وعن تصرفاته، فالأقدر على منع الشر هو الأكثر صلاحاً، إلا أن الصلاح هو اختيار الشخص فقط كما قلنا لكل خير وابتعاده عن كل شر.